المصدر 24 - تستمر المدن العالمية في التنافس على لقب الأفضل للعيش والعمل والاستثمار والسياحة، لكن عام 2026 يحمل معه تغييرات لافتة في قائمة أفضل المدن على الكوكب، وفقًا لتصنيف شركة «ريزونانس كونسلتنسي» (Resonance Consultancy) التي تعتمد في تقييمها على مزيج غني من البيانات والتحليلات النوعية. يستند التصنيف إلى ثلاثة محاور رئيسية تشمل قابلية العيش، والجدارة بالحب (الجاذبية الثقافية)، والازدهار الاقتصادي، مع الأخذ في الاعتبار 34 عاملًا متنوعًا، من الجامعات والمطارات إلى الحياة الليلية ومعدلات التوظيف. ورغم استقرار بعض المراكز، إلا أن القائمة شهدت مفاجآت أبرزها صعود مدينة أوروبية إلى المراكز الخمسة الأولى على حساب سنغافورة.

هيمنة لندن واستقرار المراكز الثلاثة الأولى

حافظت لندن على لقب أفضل مدينة في العالم لعام 2026 للعام الحادي عشر على التوالي، بفضل مزيجها المتفوق من الفرص الاقتصادية، والمشهد الثقافي النابض، والبنية التحتية المتطورة. احتلت المدينة المركز الأول في الازدهار، والثاني في الجدارة بالحب، والثالث في قابلية العيش، ما يؤكد مكانتها كعاصمة عالمية تجذب المستثمرين والطلاب والسياح. كما حققت تفوقًا لافتًا في عدد شركات الاستثمار وقوة مطاراتها الدولية، إلى جانب التحولات المستمرة في أفقها المعماري عبر مشاريع ناطحات السحاب قيد البناء.

في المركز الثاني جاءت نيويورك، المدينة الأمريكية الوحيدة ضمن العشرة الأوائل. تواصل “مدينة لا تنام” ترسيخ حضورها كعاصمة مالية وثقافية كبرى، حيث حصدت المرتبة الأولى في مؤشرات Google Trends عالميًا، والثانية في استثمارات الشركات الكبرى. ومن المتوقع أن تشهد تغيرات ديناميكية خلال الفترة المقبلة مع الإدارة المحلية الجديدة، والتي قد تؤثر على مشاريع البنية التحتية وتحديد الأولويات الاقتصادية.

أما المركز الثالث فكان من نصيب باريس التي أثبتت مرونتها وروحها الإبداعية الفريدة. احتفظت العاصمة الفرنسية بمركزها للعام الماضي، بفضل قوة متاحفها ونشاطها الثقافي وجودة الحياة التي تقدمها. وتظل باريس حلمًا للكثير من المسافرين وروّاد الأعمال والفنانين، لما لها من تأثير عالمي في الموضة والذوق الفني.

مدريد إلى القمة… والتراجع المفاجئ لسنغافورة

شهد المركزان الرابع والخامس تغييرات مهمة هذا العام. فقد استعادت طوكيو المركز الرابع بفضل استقرارها الاقتصادي وقوتها العلمية والتكنولوجية، بينما كانت المفاجأة الكبرى هي صعود مدريد إلى المركز الخامس، لتتفوّق على سنغافورة التي حافظت على المركز الخامس خلال العامين الماضيين.

تميزت مدريد بحيوية مشهدها الليلي، حيث جاءت في المرتبة الثانية عالميًا في الحياة الليلية، إلى جانب مشاريع التجديد الحضري والتوسع في المساحات الخضراء، ما منح المدينة جاذبية إضافية. كما حققت حضورًا ثقافيًا قويًا في تصنيفات عالمية أخرى.

في المقابل، تراجعت سنغافورة إلى المركز السادس، رغم استمرارها في التميز من حيث مستويات المعيشة العالية والبنية التحتية المتفوقة والتنوع الثقافي. ويُرجع محللون هذا التراجع إلى تحسن المؤشرات الثقافية والترفيهية في مدريد التي تغلبت عليها في جوانب “الجدارة بالحب”.

وشهدت القائمة أيضًا خروج سيدني من المراكز العشرة الأولى، في حين عادت دبي لتحتل المركز الثامن متقدمة بفضل ديناميكيتها الاستثمارية وتفوقها في البنية التحتية وجودة المعيشة ومستوى الأمان.

أفضل 10 مدن عالمية لعام 2026:

وفقًا لتصنيف “ريزونانس كونسلتنسي”، فإن المراكز العشرة الأولى جاءت على النحو التالي:

تُظهر القائمة حضورًا قويًا لأوروبا بسبع مدن ضمن العشرة الأوائل، مما يعكس استمرار القارة في قيادة العالم ثقافيًا واقتصاديًا، بينما تمكنت آسيا من الحفاظ على مواقع مؤثرة عبر طوكيو وسنغافورة، إضافة إلى تمثيل الشرق الأوسط عبر دبي.

يكشف تصنيف أفضل المدن لعام 2026 عن استمرار المدن الكبرى في تعزيز حضورها العالمي، بينما تبرز وجهات أخرى لتنافس بقوة بفضل التطوير العمراني والاستثمارات الثقافية. ورغم استمرار لندن ونيويورك وباريس في الهيمنة على المراكز الأولى، فإن صعود مدريد وتقدّم دبي يؤكدان أن المدن التي تُثمّن جودة الحياة والانفتاح والاستثمار في الثقافة والخدمات قادرة على تغيير المشهد العالمي. من هنا، يبدو أن مستقبل التنافس بين المدن يتجه نحو تعزيز التوازن بين الازدهار الاقتصادي والرفاهية الثقافية، لصناعة بيئات حضرية أكثر جاذبية للأجيال القادمة.