مالك عبيدات _قال الخبير العسكري والاستراتيجي اللواء المتقاعد مأمون أبو نوار إن وقف إطلاق النار في غزة يواجه تحديات وعقبات كبيرة، مؤكداً أن الخطة الحالية "غامضة وتفتقر إلى آليات تنفيذ واضحة، ما يجعلها عرضة للانهيار في أي وقت”.

وأضاف أبو نوار في حديث خاص لـ”الاردن 24” أن الوضع الميداني في القطاع معقد، مشيراً إلى أن "غزة أصبحت اليوم مقسمة فعلياً إلى قطاعين منفصلين، حيث تسيطر حركة حماس على نحو 47% من غرب القطاع، فيما تخضع 53% للسيطرة العسكرية الإسرائيلية الكاملة”.

وأوضح أن "الخط الأصفر بات يشكّل الحدود المؤقتة بين المنطقتين، حيث تتمركز القوات الإسرائيلية خلف كتل إسمنتية وسواتر ترابية”، لافتاً إلى أن "هذا الخط من المفترض أن يكون مؤقتاً إلى حين الانتهاء من ملف الرهائن، لكن لا توجد مؤشرات حقيقية على نية إسرائيل الانسحاب قريباً”.

وبيّن أبو نوار أن خطة وقف إطلاق النار تنقسم إلى ثلاث مراحل، لكنها "تترك العديد من الأسئلة دون إجابة وتفتقر إلى آليات التنفيذ”.

وقال:

> "الخطة مليئة بالمخاطر والغموض، وربما يكون هذا الغموض مقصوداً ليمنح إسرائيل والولايات المتحدة مرونة في التفسير بما يخدم مصالحهما”.

وأضاف أن إسرائيل تستطيع الادعاء في أي وقت أن حماس انتهكت شروط الاتفاق، ما يتيح لها "تأجيل الانسحاب إلى أجل غير مسمى”، مشيراً إلى أن **الولايات المتحدة تواصل إرسال وفود إلى الأرض المحتلة لمتابعة تنفيذ الخطة وضمان استمرارها بالشكل الذي يخدم أجندتها السياسية”.

وحذّر من أن "خلط المراحل وعدم الالتزام بتسلسلها سيؤدي إلى الفوضى، وهو ما قد يجعل وقف إطلاق النار مجرد هدنة مؤقتة وليست نهاية دائمة للحرب”.

وكشف أبو نوار عن وجود نحو 150 مقاتلاً من كتائب القسام داخل الأنفاق في رفح جنوب القطاع، مبيناً أن "هذه القضية تمثل معضلة حقيقية في طريق تنفيذ الخطة”.

وقال إن "هناك مقترحات عديدة لإخراجهم من القطاع، وقد وصلت وفود إقليمية ودولية لمحاولة حل هذه الإشكالية”، مؤكداً أن "أي خطأ في التعامل مع هذا الملف قد يفجّر الموقف من جديد”.

وأشار أبو نوار إلى أن قطر ومصر وتركيا لعبت دوراً مهماً في الضغط على الإدارة الأمريكية للوصول إلى توازن في اتخاذ القرار.

وأوضح أن "هذه الدول الوسيطة دفعت باتجاه تهدئة شاملة لتفادي اشتباك جديد في رفح، خاصة في ظل وجود مقاتلي حماس داخل المدينة”، مضيفاً أن "رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يواجه ضغوطاً كبيرة من تلك الدول، لكنه لا يستطيع تجاوز الموقف الأمريكي”.

وقال أبو نوار إن مسألة نزع سلاح حماس تمثل أحد أبرز التحديات في تنفيذ الاتفاق، مشيراً إلى أن "إسرائيل تصر على نزع السلاح كشرط أساسي للانتقال إلى المرحلة الثانية من الخطة”.

وأوضح أن "الأنفاق شرق غزة سيتم تدميرها بعد إخراج المقاتلين، فيما تصر إسرائيل على تفكيك البنية التحتية للتصنيع العسكري”، لكنه أكد أن "لا توجد أي خطة فلسطينية واضحة للتعامل مع هذه الخطوة، ما يجعل التنفيذ غامضاً وخاضعاً للتفسير الإسرائيلي والأمريكي”.

وبيّن أبو نوار أن الخطة تنص على أن تسلم حماس سلاحها مقابل تشكيل إدارة فلسطينية من التكنوقراط تحت إشراف مجلس السلام، لكنه وصف هذا السيناريو بأنه "غير واقعي”.

وقال:

> "حماس لن تتخلى عن سلاحها قبل قيام الدولة الفلسطينية، وهي تشترط أن يكون القرار فلسطينياً خالصاً، لكن حتى الآن لا يوجد اتفاق بين السلطة وحماس، وهو ما يجعل المشهد ضبابياً ويعطل أي انتقال فعلي للسلطة”.

وأشار أبو نوار إلى أن هناك مشروع قرار في مجلس الأمن لتشكيل قوة استقرار دولية في غزة، موضحاً أن القرار "يحتاج إلى تسعة أصوات دون استخدام حق النقض من أي من الأعضاء الدائمين”.

وقال إن "القرار المقترح يمنح إسرائيل صلاحيات أمنية واسعة ويتيح مشاركة نحو 20 ألف جندي إسرائيلي ضمن القوة المشتركة، وهو ما يعني أن الحديث يدور عن فرض سلام وليس حفظه”.

وأضاف:

> "هذا التفويض يجعل القوة أقرب إلى أداة احتلال موقتة منه إلى قوة استقرار حقيقية، ويمنح إسرائيل سلطة ميدانية كاملة خلال المرحلة الانتقالية”.

وأكد أبو نوار أن نجاح أي تسوية مرهون بوجود قرار فلسطيني موحد، مشدداً على ضرورة أن "يكون الانتقال السياسي والإداري بقرار فلسطيني خالص وليس بإملاءات خارجية”.

وقال:

> "من المخجل أن حماس والسلطة لم تتفقا حتى الآن على آلية لتسلم إدارة القطاع. بدون هذا التوافق ستفشل أي خطة سلام مهما كانت تفاصيلها”.

وفي ختام حديثه، أكد أبو نوار أن جميع المؤشرات الحالية تؤكد أن الهدف من الأحداث الجارية هو منع قيام الدولة الفلسطينية.

وقال:

> "ما يجري على الأرض ليس صدفة، بل جزء من سيناريو سياسي وأمني مدروس، هدفه تثبيت واقع تقسيمي دائم يمنع التواصل الجغرافي ويقضي عملياً على فكرة حل الدولتين”.