يُعدّ عالم الطيور واحداً من أكثر العوالم امتلاءً بالأسرار والغرائب، غير أنّ أحد أكثر هذه المخلوقات إثارة للدهشة هو طائر الكوكابورا (Kookaburra)، الذي اكتسب شهرة عالمية بفضل قدرته الفريدة على إطلاق صوت يشبه الضحك البشري إلى حد يثير الحيرة والفضول. ينتمي هذا الطائر الغريب إلى عائلة الرفراف، ويعيش بشكل رئيسي في أستراليا وغينيا الجديدة، حيث أصبح جزءاً من التراث الشعبي هناك لما يحمله من رمزية وأصوات لا تُنسى.

طائر الكوكابورا

ويُطلق الكوكابورا صوته المميز عند الفجر والغروب، فيملأ الغابات بصدى يشبه ضحكات عالية تنطلق على شكل نوبات متتابعة. ويستخدم هذا الصوت للتواصل مع أفراد مجموعته وتحديد مناطق نفوذه، إذ تمثل الضحكة بالنسبة إليه وسيلةً للإعلان والسيطرة أكثر مما تعكس مزاجاً مرحاً كما قد يظن البعض.

ويتميّز هذا الطائر بجسم متين ورأس كبير وذيل قصير، فيما تتراوح ألوانه بين البني والأبيض مع خطوط داكنة تضفي عليه مظهراً مهيباً. وعلى الرغم من مظهره الوديع وصوته المرح، إلا أنّه صياد ماهر يتغذى على الحشرات والزواحف الصغيرة والديدان، ولا يتردد في الانقضاض على فريسته بسرعة لافتة.

ويكتسب الكوكابورا مكانة فريدة في الثقافة الأسترالية، إذ يُنظر إليه على أنّه رمز للطبيعة البرية، وظهر صوته في العديد من الأفلام والمسلسلات العالمية، ولا سيما التي تتناول الحياة في الغابات. وقد استُخدم صوته في الأفلام كبديل مثالي لضحكة الشخصيات الشريرة أو مشاهد الغابات الموحشة؛ لما يحمله من طابع يجمع بين الدعابة والغموض.

وتشير الدراسات إلى أنّ ضحكة الكوكابورا تعود إلى تركيبة فسيولوجية مميزة في حنجرته وقدرته على التحكم في طبقات الصوت، مما يمكّنه من إطلاق نبرات متصاعدة تشبه الضحك تماماً. وهذا ما جعله أحد أكثر الطيور تميّزاً على كوكب الأرض، وجعل علماء الطبيعة يدرجونه في قوائم الظواهر الصوتية التي تستحق الدراسة والتوثيق.

ويستمر هذا الطائر في جذب الاهتمام حول العالم، سواء بضحكته الشهيرة أو حضوره اللافت في الغابات. وما بين الغرابة والمرح، يظل الكوكابورا مثالاً ساحراً على جمال التنوع الحيوي وقدرة الطبيعة على إنتاج مخلوقات تحمل سمات أقرب إلى الخيال منها إلى الواقع.