نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
التمويل الأخضر في الخليج يحقق زخماً متسارعاً - المصدر 24, اليوم الخميس 13 نوفمبر 2025 08:45 صباحاً
المصدر 24 - بموازاة انعقاد قمة المناخ "كوب 30" في بيليم البرازيلية، تضع المؤتمرات الدولية التمويل الأخضر في بؤرة اهتمامها، فيما تؤكد البنوك العالمية الكبرى أن التمويل المرتبط بالاستدامة في الشرق الأوسط يشهد نمواً ملحوظاً ومتسارعاً على الصعيدين الإقليمي والعالمي.
قدم صندوق الاستثمارات العامة السعودي عدداً من عمليات إصدار السندات الخضراء البارزة. والسندات الخضراء أداة تمويلية متخصصة تجمع الأموال حصراً لتمويل المشاريع الصديقة للبيئة، مثل الطاقة المتجددة والنقل النظيف والمشاريع البيئية المستدامة.
احتلت المملكة العربية السعودية موقعاً تاريخياً في تشرين الأول/أكتوبر الماضي حين أصدرت أول سندات خضراء بالعملة الأوروبية، بقيمة 1.5 مليار يورو (ما يعادل 1.6 مليار دولار). وفتحت هذه الخطوة التاريخية الباب أمام دول الإقليم جميعاً للاستفادة من الطلب الأوروبي القوي على أدوات التمويل المستدام.
ضرورة اقتصادية وليست خياراً اختياري
أفاد البنك الاستثماري "جي بي مورجان"، الذي تولى تنسيق عملية الإصدار، بأن هذه السندات حققت نجاحاً استثنائياً بما يسمى "الاكتتاب الزائد"، أي تجاوز الطلب عليها المعروض من السندات. وهذا المؤشر يعكس شهية المستثمرين الأوروبيين القوية تجاه الأدوات المالية المرتبطة بالاستدامة والبيئة السعودية.
يرى محللون أن نمو سوق السندات الخضراء في السعودية ليس مسألة اختيار بل ضرورة اقتصادية حتمية. فالمشاريع الضخمة المندرجة تحت مظلة "رؤية المملكة 2030" تستحوذ على أسواق الإقراض المحلية.
يشرح سيباستيان فريدريكس، رئيس قسم التمويل في البنك الهولندي بمنطقة الشرق الأوسط، هذا الواقع الاقتصادي قائلاً: "القدرة المحلية على التمويل محدودة جداً. لذا، المؤسسات المالية مثل آي إن جي بحاجة إلى مساعدة الجهات الحكومية والخاصة السعودية على تمويل تلك المشاريع الضخمة والحيوية"، مؤيداً الخيار الاستراتيجي للاعتماد على التمويل الأخضر، موضحاً: "يشتري المستثمرون هذه السندات بكثرة، ما يساهم في استقرار مستويات التداول في السوق الثانوية، وفي تنويع قاعدة التمويل بشكل عام"، في منطق اقتصادي ينطبق على كل الأسواق الناشئة التي تسعى لحشد رؤوس أموال ضخمة لمشاريع التنمية المستدامة.
الطلب الأوروبي يدفع الإصدارات
تكشف أنماط الطلب على السندات الخضراء عن ديناميكية جغرافية مهمة: فالطلب الأقوى على السندات الخضراء يأتي من دول منطقة اليورو، خصوصاً من المستثمرين المؤسسيين الذين لديهم التزامات قانونية أو أخلاقية تجاه تحقيق أهداف الاستدامة.
يقول بول أوكونور، رئيس التمويل المستدام في منطقة أوروبا وآسيا والشرق الأوسط بمؤسسة جي بي مورغان، في بيان لاحق على نجاح الإصدار السعودي: "الطلب على أوراق مالية ذات طابع استدامة، خصوصاً تلك الموسومة بعلامة خضراء واضحة، يبقى قوياً جداً في السوق الأوروبية. وهذا جزئياً ما دفع المملكة لاختيار الإصدار بالعملة الأوروبية: استهدافاً للمستثمرين في منطقة اليورو".
شعار مؤتمر
نمو مستمر وفرص استثمارية ضخمة
في الخمس سنوات الماضية، شهد التمويل الأخضر في الشرق الأوسط نمواً تدريجياً وثابتاً. تقدر مؤسسة الاستشارات الاقتصادية "ستراتيجي أند" أن تصل قيمة سوق التمويل الأخضر في المنطقة إلى قيمة نحو تريليوني دولار بحلول 2030.
أطلقت المملكة إطارها الخاص للتمويل الأخضر في آذار/مارس 2025، وقد سبق ذلك بشهر إصدار السندات الخضراء بالعملة الأوروبية، ما جعل السعودية أول دولة في منطقة الشرق الأوسط تصدر سندات خضراء بالعملة الأوروبية.
تنص استراتيجية التمويل الأخضر السعودية على أن العائدات من بيع السندات الخضراء يجب أن تُستخدم في "دعم طريق المملكة نحو تحولات الطاقة النظيفة وتنويع الاقتصاد، وحماية البيئة الطبيعية في المناطق الحضرية والريفية".
وأعلنت الأميرة رسيل بن مساعد آل سعود، رئيسة المؤسسات المالية والعلاقات بالمستثمرين بصندوق الاستثمارات العامة، خلال مشاركتها في فعاليات في واشنطن، عن استخدام 95% من 11 مليار دولار تمصل عائدات بيع السندات الخضراء على مدى السنتين الماضيتين لتمويل مشاريع جديدة متوافقة مع الإطار المعتمد.
طموحات مناخية عالمية
قبيل انعقاد "كوب 30"، كشفت رئاسة المؤتمر عما يُعرف بـ "خارطة طريق باكو إلى بيليم"، وهي وثيقة توحي بضرورة تصعيد التمويل المناخي إلى 1,3 تريليون دولار سنوياً بحلول 2035.
قال سايمون ستيل، كبير مسؤولي المناخ بالأمم المتحدة، في بيان رسمي يرافق إعلان هذه الخارطة: "تحريك التدفقات المالية يعني توسيع الوصول إلى التمويل المؤثر والمحفز، وفتح قنوات لرأس المال منخفض الفائدة، وتوفير حيز مالي للحكومات، وإدارة الديون، وتقليل المخاطر المحيطة بالاستثمارات".
أضاف ستيل في الرسالة ذاتها: "برفع التمويل المناخي إلى مستوى يتماشى مع حجم أزمة المناخ، يمكننا تحويل الطموح إلى زخم فعلي، وجعل العمل المناخي محركاً للنمو الاقتصادي والاستقرار والرخاء المشترك."
الإطار التنظيمي للتمويل الأخضر
يحدد الإطار الذي أطلقته السعودية للتمويل الأخضر في مارس معايير صارمة لاستخدام عائدات السندات الخضراء، إذ يجب أن تُخصص الأموال لتعزيز مسار المملكة نحو تحولات الطاقة النظيفة وتنويع اقتصادها، وحماية بيئتها الطبيعية في المناطق الحضرية والريفية".
يشمل هذا الإطار مشاريع متعددة من بينها تكنولوجيا الطاقة الكفؤة، وزراعة 10 مليارات شجرة، والمشاريع المتعلقة بالنقل العام المستدام. لا تقتصر هذه المبادرات على أهدافها البيئية فحسب، بل تترجم "رؤية المملكة 2030" إلى مشاريع حقيقية على الأرض.
ويعكس دخول المؤسسات المصرفية العملاقة إلى سوق التمويل الأخضر في الخليج ثقة عميقة في آفاق هذا القطاع. وتشير هذه التحركات الاستثمارية إلى أن السياق الجيوسياسي والاقتصادي العالمي أصبح مؤاتياً لتصعيد التمويل الأخضر كأداة استراتيجية لإعادة هيكلة الاقتصادات وتنويعها.













0 تعليق