نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
بين النفوذ الإيراني والضغوط الأميركية... انتخابات مصيرية ترسم مستقبل العراق - المصدر 24, اليوم الثلاثاء 11 نوفمبر 2025 08:41 مساءً
المصدر 24 -
صوّت العراقيون الثلاثاء لاختيار برلمان جديد، وسط سباق سياسي محموم تتقاطع فيه المصالح الداخلية مع الصراعات الإقليمية والدولية. فالانتخابات الحالية لا تُعدّ مجرد منافسة على مقاعد البرلمان، بل تشكّل اختباراً لمستقبل النفوذ الأجنبي في العراق، حيث تضغط الولايات المتحدة بقوة لإنهاء الهيمنة الإيرانية.
ويرى تقرير لـ"نيويورك تايمز" أنه بعد سنوات من سفك الدماء وتمرّد الجماعات الجهادية، أصبح العراق ملاذاً غير متوقع للهدوء في الشرق الأوسط. ويُعدّ الحفاظ على هذا السلام الذي تحقق بشقّ الأنفس أولوية قصوى للعراقيين مع الانتخابات.
يتنافس أكثر من 7700 مرشح من 114 قائمة حزبية على 329 مقعداً. وبعد إعلان النتائج، ستستغرق المفاوضات بين الأحزاب لتشكيل ائتلاف يحظى بأكبر عدد من المقاعد، ثم تشكيل حكومة، أسابيع أو أشهراً.
وتختبئ خلف هذه الانتخابات مسألة حسّاسة تتمثل في كيفية كبح العراق لنفوذ جارته إيران.
ويلفت التقرير إلى أنه في جميع أنحاء الشرق الأوسط، انهارت شبكة إيران القوية من التنظيمات المتحالفة تحت مسمى"محور المقاومة" بسرعة، في كل مكان تقريباً، باستثناء العراق، حيث لا تزال مجموعة من الميليشيات المدعومة من طهران مسلّحة، كما أن أجنحتها السياسية تسيطر على العديد من الوزارات الحكومية، ومن خلالها، تحصل على عقود حكومية مربحة. ويقول مسؤولون عراقيون وإيرانيون إن معظم هذه الجماعات أصبحت غنية جداً من خلال هذه العملية، لدرجة أنها لم تعد بحاجة إلى تمويل من طهران.
وفي هذه الانتخابات، خاضت كل ميليشيا مدعومة من إيران تقريباً الانتخابات بقائمة برلمانية خاصة بها.
وقد أشارت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى أنها قد لا تتسامح مع وجود مثل هذه الميليشيات في البلاد لفترة أطول. في الشهر الماضي، حذر وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو من "ضرورة ملحة لنزع سلاح الميليشيات المدعومة من إيران".
وقد أكد مارك سافايا، مبعوث ترامب المعين حديثاً إلى العراق، على هذه الفكرة، في رسالة وجهها إلى العراقيين قبل الانتخابات. وكتب على وسائل التواصل الاجتماعي: "الولايات المتحدة تقف إلى جانب العراق وهو يمضي قدماً: قوياً ومستقلاً وخالياً من الميليشيات المدعومة من الخارج".
ويتوقع سياسيون عراقيون معارضون لإيران من سافايا ألا يقتصر الأمر على المطالبة برئيس وزراء صديق للولايات المتحدة، بل أيضاً بتشكيل حكومة خالية من الأحزاب المتحالفة مع الميليشيات المرتبطة بطهران.
ويقول رئيس أكاديمية التطوير السياسي والحكم الرشيد في العراق عبد الرحمن الجبوري، لـ"النهار"، إنه "يجب أن ننتظر أولاً نتيجة الانتخابات وحجم المقاعد البرلمانية ومن يحدد شكل الحكومة المقبلة".
ويضيف: "لكن أيّ حكومة مقبلة، من أجل أن تستمر، عليها أن تنحاز إلى الجانب الغربي على حساب إيران... قدرتها على إنهاء دور الفصائل المسلحة ستكون بالاحتواء والتطمين بعدم الملاحقة، وكذلك بخلق فرص اقتصادية لهم".
عراقيون ينتخبون (ا ف ب)
أطاح الغزو الأميركي للعراق عام 2003 بالديكتاتور صدام حسين، الذي حكم البلاد لفترة طويلة، وأنهى سيطرة الأقلية السنية على الحكومة. ومنذ ذلك الحين، تهيمن على السياسة العراقية الأغلبية الشيعية. وظلّ العراق عالقاً منذ ذلك الحين في صراع بين واشنطن وطهران.
في السنوات الأخيرة، اكتسبت مجموعة من الميليشيات القوية المرتبطة بإيران نفوذاً سياسياً في العراق. تأسست هذه الجماعات، الشيعية بمعظمها، عام 2014 كجزء ممّا يسمّى "قوات الحشد الشعبي" لمحاربة تنظيم "داعش"، الذي سيطر على أجزاء واسعة من البلاد. لقد تضاءل خطر "داعش"، لكن الميليشيات المدعومة من إيران ازدادت قوة. ويجادل قادتها بأن لهم الحق في الاحتفاظ بأسلحتهم طالما بقيت القوات الأميركية في البلاد. وقد ضغطوا بشدة على المسؤولين العراقيين لطرد القوات الأميركية.
في شوارع بغداد، يُعدّ إخراج الميليشيات العراقية المتزايدة قوةً وثراءً من المشهد السياسي أمراً يدعمه حتى العراقيون الذين يصفون أنفسهم بأنهم مناهضون لأميركا. لكن فصل السياسة العراقية عن هذه الشبكة من الميليشيات سيكون تحدياً كبيراً للبلاد.
خضعت العديد من الميليشيات، اسمياً على الأقل، لسيطرة الحكومة على مر السنين. لكن الجماعات المتشددة الأقرب إلى إيران، والتي تضغط واشنطن الآن لنزع سلاحها، ترفض الخضوع، وتصرّ على أنها لن تتخلى عن أسلحتها.
يقول المحلل والكاتب السياسي العراقي فلاح المشعل لـ"النهار": "هذا السؤال يكاد يطغى على بقية المواضيع التي تشغل الرأي العام العراقي وكذلك السياسي، لأنه موضوع عميق ومؤثر ويهدد بانفجارات داخلية كبيرة وعميقة"، مضيفاً: "الفصائل تملك السلاح والمال والنفوذ، ولديها غطاء سياسي، ومن الصعوبة بمكان على القوى السياسية، التي تفوز بالبرلمان المقبل أن تملك القدرة على إنهاء وجود الفصاىل المسلحة؛ كذلك هي مشتركة في الانتخابات بقوة، وتملك دعماً إيرانياً غير محدود؛ لهذا من غير الممكن أن يحصل تسليم من قبل الفصائل للرغبة السياسية الداخلية، رغم الضغوطات القوية من الولايات المتحدة"، ومشيراً إلى أنه "ربما ثمة عمليات جراحية قد تشترك في معالجة هذه الظاهرة التي أجهضت المشروع الديموقراطي في العراق".
وتضاءلت قوة إيران الإقليمية في العامين الماضيين منذ أن شنت "حماس" هجوم 7 أكتوبر 2023 على إسرائيل. وقد أشعل هذا الهجوم حرباً دمرت غزة وقلبت النظام الجيوسياسي في الشرق الأوسط رأساً على عقب.
وقتلت القوات الإسرائيلية قيادات "حزب الله". وأطاحت المعارضة في سوريا بنظام بشار الأسد المدعوم من طهران. وشنت إسرائيل حرباً قصيرة على إيران في حزيران/يونيو شاركت فيها طائرات حربية أميركية.
بالنسبة إلى طهران، لا يمثّل العراق مجرّد شريان حياة اقتصادي حيوي للعالم الخارجي، بل هو مسألة أمنية، إذ تتشارك الدولتان حدوداً تمتدّ لما يقرب من 1000 ميل، وسبق للجارتين أن خاضتا حرباً مدمرة استمرت ثماني سنوات، وإيران مصممة على ألا تتكرر هذه الحرب أبداً.
بين النفوذ الإيراني والضغوط الأميركية، يواجه العراق مفترق طرق حاسماً. فكيف ستتشكل خريطة البلاد المقبلة في البلاد بعد الانتخابات؟












0 تعليق