«القاهرة السينمائي» يطلق دورته الـ46 غدا.. سجادة حمراء تمشي عليها آلاف الأسئلة - المصدر 24

اخبار جوجل 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
«القاهرة السينمائي» يطلق دورته الـ46 غدا.. سجادة حمراء تمشي عليها آلاف الأسئلة - المصدر 24, اليوم الثلاثاء 11 نوفمبر 2025 02:09 مساءً

المصدر 24 - من رحم الزمن، تلتقي القاهرة القديمة بالجديدة في مشهد نادراً ما يتكرر، فمن زاوية هناك يقف المتحف المصري الكبير شامخاً شاهداً على خلود الحكاية الأولى، يفتح بواباته (لدرجة اضطرار إغلاقها من فرط الإقبال)، أمام العالم ليعرض "الذاكرة" بحجمها الطبيعي الكامل المكمل، على شاشات من حجارة تكاد تنطق من عظمة صانعيها، لتصبح "ذاكرة ناطقة" بلغة فريدة يفهمها العالم أجمع، وفي الزاوية الأخرى للصورة، يستعد مهرجان القاهرة السينمائي لفتح "بلورته السحرية"، فتتلألأ شاشاته بعد "24" ساعة من الآن، ليعرض "الحكايات الجديدة"، ويعيد صياغة "ذاكرة الحجر" بلغة الصورة والحلم، لتؤكد القاهرة العامرة أنها ستظل "صانعة المعنى" عبر العصور.

بين الزاويتين تكتمل الصورة، أو تكاد، فيصبح مهرجان القاهرة السينمائي جسراً حضارياً بين الشعوب، لا يكتفي بعرض أفلام من الجهات الأربعة للكرة الأرضية، وإنما يقدم خطاباً ثقافياً عن الهوية والوعي، وعن قدرة "القوة الناعمة" على بناء الجسور، وممارسة "دبلوماسية الجمال" حين يعجز أهل السياسة وعلماء الكلام.

ومثلما يعرض المتحف آثار الأجداد في قاعات مضيئة، يعرض المهرجان "أفكار الأحفاد" على الشاشات، وبين النقش والعدسة، بين الصورة الأولى المنحوتة على جدران المعابد، والصورة الحديثة التي تبث عبر الضوء في قاعات السينما، تظل آثارهما تلاحق كلاهما الأخرى، في جملة مفيدة تامة المعنى، تؤكد، يقيناً، أن هوليوود الشرق مازالت تملك ناصية السرد.

في الدورة الـ"46" للمهرجان، يتسع المشهد "توتالة" بشكل بانورامي، ليحتضن أكثر من "100" فيلم طويل وقصير، من قارات العالم الستة، اختلفت لغاتها ولهجاتها، ولكنها اتفقت جميعها في "تقاطع القصص" وتماهيها مع قضايا الهوية والذاكرة والمقاومة والبحث عن الذات والمعنى، وهي نفس القضايا التي تشغل بال الإنسان في كل زمان ومكان، وحملها صناع السينما إرثاً ثقيلاً منذ نشأة الفن السابع.

ولا تلهينا الأماكن ولا الأزمنة عن قضية فلسطين الحاضرة بقوة في دورة المهرجان، ليس بمجرد شعارات سياسية جوفاء، ولكن كقضية إنسانية تتسلل إلى الضمير من خلال الضوء، ليقوم الفن بأعظم أدواره، وأصدقها، ففي عالم صاخب مضطرب، يأتينا "صوت هند رجب" يصفع ملايين المتخاذلين، كفيلم ختامي للمهرجان، للمخرجة التونسية كوثر بن هنية، حول اللقطات الأخيرة للطفلة الفلسطينية "هند" التي أبكت كل من يحمل بين جنبيه قلباً ينبض، في فيلم لا يغلق الحكاية، بقدر ما يفتحها على احتمالات التأمل، حين أصبح الصوت (لا الصورة) هو البطل الأول، كدعوة للإنصات إلى ما نسيناه في زحام الحياة، وهو "أنفسنا" الحقيقية.

"القاهرة السينمائي" في دورته الحالية، يضم مجموعة من الأقسام: المسابقة الدولية، آفاق السينما العربية، أفلام خارج المسابقة، وملتقى القاهرة السينمائي في دروته الـ"11"، الذي يضم مشاريع سينمائية من عدة دول، لخلق أجيال من صناع السينما، بعد تجديد بوتوكولات وتوقيع مذكرات تفاهم مع مهرجانات كبرى مثل "كان، برلين، فينيسيا، وشنغهاي"، إلى جانب عروض كلاسيكيات مرممة، وهي خطوة مهمة لحفظ التراث، عقب الانتهاء من ترميم "22" فيلماً من كلاسيكيات السينما المصرية، ومنها: اسكندرية كمان وكمان، المهاجر، شيء من الخوف، قصر الشوق، بين القصرين، القاهرة 30، الزوجة التانية، الحرام، السمان والخريف، غروب وشروق، مراتي مدير عام، وغيرها.

واستكمالاً لمنهج المهرجان بتكريم رموز الصناعة، اختارت الدورة الحالية المخرج الكبير محمد عبد العزيز، لمنحه جائزة الهرم الذهبي لإنجاز العمر، ومنح الفنان خالد النبوي جائزة فاتن حمامة للتميز، ولأول مرة تضاف "3" جوائز أهرامات ذهبية، يحصل عليها كل من المخرجة الفلسطينية هيام عباس، ومدير التصوير المصري محمود عبد السميع، وكاتبة السيناريو والمخرجة المجرية "إلديكو إينيدي"، ويقدم الأخيران ورشتي "ماستر كلاس"، بجوار عدد من كبار رموز السينما، ومنهم: المخرج التركي نوري بيلجي جيلان، رئيس لجنة تحكيم المسابقة الدولية، الحائز على "السعفة الذهبية" من مهرجان كان، والمخرج المصري محمد عبد العزيز، ونظيره الصيني "جوان هو"، كما تقام "9" ورش تدريبية متخصصة تغطي جوانب الصناعة، لبناء القدرات في مجالات متعددة منها: فن الارتجال، وكتابة السيناريو، وصناعة الأفلام القصيرة، وورش الترميم الرقمي، مع افتتاح "السوق السينمائي" بمشاركة أكثر من "25" جهة، لتعزيز التمويل المشترك والنهوض بصناعة السينما، وتمت الاستعانة بمبدعين مصريين شباب كأعضاء لجان تحكيم بمختلف مسابقات المهرجان، ومنهم المخرجان كريم الشناوي ونادين خان، والممثلات بسمة، سلمى أبو ضيف، وتارا عماد.

مهرجان القاهرة السينمائي الدولي الذي يعد أعرق مهرجان في الشرق الأوسط، وإفريقيا، والذي تأسس عام 1976، ويعتبر الوحيد في المنطقة المصنف فئة "A" عالمياً، جنباً إلى جنب مع "كان"، و"برلين"، يقيم فعاليات "تفاعلية"، جلسات حوار ونقاش، ندوات، حلقات فكرية حول قضايا تشغل بال صناع الحكايات، ليعاد طرح الأسئلة القديمة بلغات أكثر حداثة: ما الذي تبقى من السينما في عصر "المنصات"؟ وكيف تغيّر "جوهر" الصورة حين أصبحت تنتشر بمجرد "ضغطة زر" وتستهلك بين رمشة عين وأخرى؟ وهل فقدت الكاميرا وظيفتها التأملية التحليلية؟ وهل عجزت عقولنا عن التدبر الواعي للأحداث وأصبحنا فقط مستهلكين بشراهة؟ وهل فسدت الذائقة الجمعية بمفعول "سم التريند"؟ وكيف نتبين الحقيقي من المزيف في عصر "الذكاء الاصطناعي"؟ وكيف يمكن "نقش" هوية عربية على جدران معبد الفن السابع الذي ينهشه "غول العولمة"؟ وهل يستطيع "شريط سينما" أن يغيّر نظرة العالم لمفهوم "العدالة"؟ وكيف يمكن للصورة أن تلمع وسط الضباب، لتوقظ ما غاب بداخلنا، وتجعلنا نتساءل: من نحن؟ وإلى أين نسير؟

كما ترسل الدورة الـ"46" هذا العام، إشارات قوية باستعادة صوت القضية الفلسطينية، والاحتفاء بالأرشيف الحضاري، واستدعاء أسماء عالمية رنانة كرؤساء وأعضاء لجان تحكيم، واستمرار ملتقيات الإنتاج لخدمة الصناعة وضمان استمراريتها، كمشروع وطني ثقافي حقيقي، يتخطى حدود لحظات الانبهار وقت لمعان الضوء، إلى العمل المستمر البنّاء، حتى بعد إسدال الستار، ولأن السينما كالحضارة، لا تنتهي، وإنما تورّث للأجيال، يأتي "القاهرة السينمائي" رسالة متجددة، كل عام، بأن الثقافة ليست رفاهية ولكن ضرورة قصوى، متاع السفر في الرحلة الصعبة، بوصلة الاتجاه حين تتوه أرواحنا المتعبة في دوامات الحياة.

اقرأ أيضاً
احتفاء بـ خالد النبوي.. مهرجان القاهرة السينمائي يعرض فيلمي «المهاجر» و«المواطن»

مهرجان القاهرة السينمائي يكشف عن فيلم افتتاح الدورة الـ 46

WATCH IT تنقل فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي الدولي 2025

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق