نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
خلف الجدران: تركيا بين صواريخ إسرائيل وتحوّلات حلفائها في القوقاز؟ - المصدر 24, اليوم الثلاثاء 18 نوفمبر 2025 04:05 صباحاً
المصدر 24 - د. خالد العزي*
تجد تركيا نفسها في حالة من المعاناة نتيجة للتطورات السياسية والعسكرية التي نشأت بين الحلفاء المقربين لها. فمن جهة، يتزامن تسليح أذربيجان بصواريخ إسرائيلية متطورة مع علاقة أنقرة المتوترة مع إسرائيل. ومن جهة أخرى، تنضم كازاخستان التي لطالما كانت حليفاً تركياً قوياً في المنطقة، إلى "الاتفاقيات الإبراهيمية"، وهو الاتفاق الذي يعارضه الأتراك بشدة. هذا يثير العديد من التساؤلات حول دوافع هذه الخطوات وكيف ستؤثر على مستقبل التحالفات الإقليمية لتركيا.
صواريخ "سي بريكر": سلاح أذربيجاني وعلاقة تركيا المعقدة مع إسرائيل
تسلمت أذربيجان، التي تعتبرها تركيا شقيقتها، صواريخ مضادة للسفن من طراز "سي بريكر" (Sea Breaker) الإسرائيلي، وهو نظام صاروخي بعيد المدى موجه بدقة. هذه الصواريخ تمثل تطوراً نوعياً في قدرات الدفاع الأذربيجاني. وقد أثار قرار شراء هذه الأسلحة جدلاً واسعاً في الأوساط التركية.
علييف مع نتنياهو
بحسب التقارير الواردة، يبلغ مدى صواريخ "سي بريكر" 300 كيلومتر، وتحمل رأساً حربياً يزن 113 كيلوغراماً. وتتمتع هذه الصواريخ بقدرة على الإطلاق من السفن أو من الأرض، ما يعزز الدفاعات الأذربيجانية ضد أي تهديدات بحرية. ومع ذلك، يرى بعض المحللين الأتراك أن قرار أذربيجان شراء الأسلحة الإسرائيلية غير مبرر، في وقت تتوفر فيه بدائل تركية محلية تتسم بالكفاءة والجودة العالية، مثل صواريخ "أطمجة" التركية التي تنافس بفعّالية صواريخ "سي بريكر" في القدرة والمدى.
الانتقادات تزداد ضد أذربيجان بسبب ما اعتبره البعض خضوعاً لإسرائيل على حساب تعزيز التعاون مع تركيا. فبعض المحللين يراهنون على أن هذه الخطوة تؤشر إلى تحولات في العلاقات الإقليمية، وتضع أذربيجان في موقف محرج أمام شقيقتها تركيا.
كازاخستان: التحول المفاجئ والانضمام إلى "الاتفاقيات الإبراهيمية"
في خطوة مفاجئة أخرى، أعلن الرئيس الكازاخستاني قاسم جومارت توكاييف في 7 تشرين الثاني/نوفمبر 2025 عن انضمام بلاده إلى "الاتفاقيات الإبراهيمية" التي تشمل إسرائيل وعدداً من الدول العربية. هذا الإعلان جاء خلال زيارة رسمية لتوكاييف لواشنطن، حيث ناقش مع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب هذا القرار الاستراتيجي. بينما كان يوجه رسائل دعائية عن "العصر الذهبي" الذي تدخل فيه الولايات المتحدة تحت قيادته، كان القرار الكازاخستاني يشير إلى توجه جديد في السياسة الخارجية للبلاد، حيث تسعى إلى توسيع التعاون الإقليمي وتعزيز العلاقات مع إسرائيل.
انضمام كازاخستان إلى "الاتفاقيات الإبراهيمية" يعتبر تحولاً مفاجئاً نظراً لارتباطها القوي بتركيا في العديد من الملفات السياسية والاقتصادية. هذا التحول قد يعكس رغبة كازاخستان في تعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة وإسرائيل في وقت يشهد فيه العالم تحولات سياسية واقتصادية كبيرة. كما أن قرار كازاخستان قد يثير قلق تركيا التي لطالما كانت حليفاً مقرباً للبلاد في إطار مجلس الدول التركية الذي يضم دولاً ذات توجهات سياسية مشابهة.
تركيا بين خيانة حلفائها وضغوط إسرائيل
مع تصاعد المواقف المفاجئة من أذربيجان وكازاخستان، يطرح السؤال الكبير: هل ستظل تركيا تعتبر هذين البلدين شقيقين وحليفين في المنطقة رغم تحركاتهما نحو إسرائيل؟ في ظل هذه التحولات، تجد تركيا نفسها في مواجهة مع تحديات غير متوقعة قد تؤثر على علاقاتها الاستراتيجية مع هذين البلدين. ففي الوقت الذي تتصاعد فيه التوترات مع إسرائيل، لا يبدو أن هذه التحركات من أذربيجان وكازاخستان ستمر من دون أن تترك آثاراً على التعاون بين هذه الدول وتركيا.
الأمر الأكثر إثارة هو التساؤل حول ما إذا كانت هذه التحركات جزءاً من استراتيجية ضغط على إسرائيل لتقبل بوجود تركيا في قطاع غزة. في الوقت الذي تحاول فيه تركيا تعزيز مكانتها الإقليمية، يبدو أن القرارات المتخذة من أذربيجان وكازاخستان قد تكون بمثابة جزء من صفقة أو تكتيك ديبلوماسي لاسترضاء إسرائيل أو تحقيق مكاسب في ملفات أخرى.
استراتيجية تركيا المستقبلية في ضوء التحولات الإقليمية
في ظل هذه التطورات المفاجئة، لا شك بأن تركيا تواجه تحديات كبيرة في الحفاظ على تحالفاتها الإقليمية مع أذربيجان وكازاخستان. تحركات هذه الدول نحو إسرائيل قد تضع تركيا في موقف صعب، خاصة في وقت تسعى فيه تركيا إلى تعزيز وجودها في منطقة الشرق الأوسط والمشاركة في ملفات حاسمة مثل الأزمة الفلسطينية.
من غير المستبعد أن تكون تركيا قد دخلت في مرحلة جديدة من التحولات الديبلوماسية التي قد تشمل محاولات الضغط على إسرائيل للحصول على مكاسب في غزة أو في ملفات إقليمية أخرى. لكن في النهاية، سيبقى السؤال مفتوحاً: هل ستنجح تركيا في الحفاظ على علاقاتها مع أذربيجان وكازاخستان في ظل هذا التحول الاستراتيجي، أم أن هذه التحركات ستؤدي إلى تحول كبير في السياسات الإقليمية؟ الأيام المقبلة قد تكشف عن المزيد من التفاصيل التي قد تكون مفتاحاً لفهم مستقبل العلاقات التركية الإقليمية والدولية.
-المقاربة الواردة لا تعكس بالضرورة رأي مجموعة "النهار" الإعلامية.












0 تعليق