نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
إسرائيل بعد السابع من تشرين ..حين يختلط أمن الدولة بنجاة رجل واحد - المصدر 24, اليوم الثلاثاء 18 نوفمبر 2025 05:15 صباحاً
المصدر 24 - كتب زياد فرحان المجالي
في المساء الذي تُطفأ فيه شاشات الأخبار قليلًا، ويظنّ البعض أن الحرب في غزة دخلت مرحلة "التعب”، تبقى إسرائيل في قلب عاصفة مختلفة؛ ليست فقط صواريخ وحدودًا واغتيالات مؤجَّلة، بل عاصفة داخلية عنوانها الأعمق سؤال واحد:
هل ما زالت هذه الدولة تُدار بمنطق "الأمن القومي”، أم بمنطق نجاة رجلٍ واحد من لجنة تحقيق ومحاكمة ورأي عام غاضب؟
منذ السابع من تشرين الأول، تكدّست فوق طاولة السياسة والقضاء والجيش ملفات متوازية: لجنة تحقيق في الفشل، محاكمة لرئيس الوزراء في "قضية الهدايا”، صفقة طائرات F-35 للسعودية، جدل حول مستقبل غزة، تهريب سلاح من الحدود المصرية بطائرات مسيّرة، وخطاب متشدد في الكنيست يلوّح بالاعتقال ونزع الحقوق. ظاهريًا تبدو هذه ملفات منفصلة، لكنّ النظر إليها في مرآة واحدة يكشف أزمة أعمق: أزمة في طريقة اتخاذ القرار، وفي العلاقة بين الدولة وقائدها، بين الأمن والقانون، وبين الداخل والخارج.
أول ملامح هذه الأزمة يتجلى في المعركة حول لجنة التحقيق في أحداث السابع من تشرين.
بيني غانتس، الجنرال الذي يعرف غرف الحرب كما يعرف المنابر السياسية، يعلن بوضوح أنه لن يقبل بأي "تسوية” تؤدي إلى لجنة تحقيق يعيّن السياسيون أعضاءها، بل يصر على لجنة تحقيق رسمية مستقلة.
يائير لبيد يذهب أبعد، ويرفض أن تكون "حكومة السابع من تشرين، ورئيس السابع من تشرين” هم من يحققون في الفشل. في رأيه، من يجب أن يُستجوب هم من كانوا في مقاعد القرار ساعة انهيار الحدود وليس من يقفون اليوم في المعارضة.
أمّا العبارة الأخطر فجاءت على لسان يائير غولان، رئيس حزب "الديمقراطيين”، الذي اتهم نتنياهو بأنه قد يكون مستعدًا لمنح السعودية طائرات F-35 مقابل "رسالة عفو” شخصية. هذه اتهامات نابعة من خصوم نتنياهو، ولا تزال ضمن إطار الصراع السياسي الداخلي، لكنها تعكس حجم أزمة الثقة بين النخبة السياسية ورئيس الوزراء.
هذا يقود إلى سؤال محوري:
أين ينتهي "حق رئيس الوزراء في الدفاع عن نفسه”، وأين يبدأ "حق الدولة في حماية تفوقها العسكري واستقلال نظامها القضائي”؟
في الخلفية، يتقدّم ملف آخر شديد الحساسية: محاكمة نتنياهو في قضية 1000.
رئيس وزراء في منصبه، يدير حربًا ومفاوضات معقدة حول غزة، وفي الوقت نفسه يقف أمام منصة الشهود.
نتنياهو، خلال الجلسات، هاجم النائبة العامة العسكرية السابقة والمستشارة القضائية ورئيس الموساد الأسبق، واتهمهم بأنهم تلقّوا هدايا أكبر مما تلقاه هو.
ثم وجّه عبارته الشهيرة للنيابة:
"في حالتي غيّرتم القانون وفصّلتم ملفًا على مقاسي.”
هذه الاتهامات جزء من سجال قضائي وسياسي لم يُحسم بعد، لكنها تكشف حجم الشرخ داخل مؤسسات الحكم.
ملف طائرات F-35 يكشف جانبًا آخر من الأزمة.
قائد سلاح الجو السابق إيتان بن إلياهو يحذّر بأن بيع هذه الطائرات للسعودية "يمحو التفوق النوعي لإسرائيل”، ويذكّر بالتجارب السابقة مع بيع طائرات F-15 للرياض. تحذيره ليس سياسيًا بل تقنيّ عسكري، ومع ذلك يتداخل اليوم مع الاتهامات السياسية، فتتحول الصفقة من نقاش استراتيجي إلى جزء من صراع داخلي حول الثقة بالقيادة.
في غزة، تتجسد الأزمة في شكل آخر
إسرائيل تعلن أن تفكيك حماس "هدف لا رجعة عنه”، لكن الجيش — بحسب تقديرات المؤسسة العسكرية — يسيطر عمليًا على 54% فقط من مساحة القطاع، فيما تبقى 46% تحت سيطرة حماس أو مجموعات محلية.
في هذا السياق يظهر اسم عز الدين الحدّاد، الذي نجا من عدة محاولات اغتيال، وكان يتحصّن سابقًا خلف رهائن. السؤال المطروح اليوم:
هل تستطيع إسرائيل اغتياله دون ثمن سياسي دولي؟
الجواب، كما تشير تقديرات داخلية، يعتمد على حسابات سياسية أكثر منه على الجاهزية العسكرية، خصوصًا في ظل الضغط الأميركي للانتقال إلى "مرحلة إعادة الإعمار”.
أما الحدود المصرية، فتكشف وجهًا مختلفًا للأزمة:
تهريب السلاح بطائرات مسيّرة أصبح — وفق تقارير إسرائيلية — "مشكلة أمن قومي من العيار الثقيل”.
خلال شهر واحد فقط، أحبط الجيش نحو 130 عملية تهريب، ضُبط خلالها عشرات الأسلحة.
ومع ذلك يعترف قادة ميدانيون بأنهم "لا يعرفون عدد الشحنات التي مرت فعليًا”، في إشارة إلى فجوة أمنية خطيرة.
جزء كبير من هذا السلاح يصل إلى عصابات الجريمة داخل إسرائيل، ما يرفع احتمالات انفجار داخلي مسلح في حال تصاعد التوتر القومي.
في الكنيست، ترتفع حرارة الخطاب
وزراء ونواب يتحدثون عن "زنزانة جاهزة لأبو مازن”، وعن اغتيالات لقادة السلطة الفلسطينية إذا اعترفت الأمم المتحدة بدولة فلسطينية، وعن قوانين تسحب حق التصويت من السجناء.
في المقابل، يحذر منصور عباس من "حملة شيطنة” ضد العرب، ويؤكد أن حزبه يعمل ضمن القانون والدستور.
هذا التوتر في الخطاب يعكس فراغًا في مركز القرار، وحساسية اللحظة التي يعيشها النظام السياسي.
عندما يستنزف رئيس الوزراء في المحاكم، وتتنازع مراكز القوة حول "من يقرر”، يتقدم خطاب أكثر تطرفًا ليملأ الفراغ، خطاب يرى في كل اختلاف "خطرًا”، وفي كل مبادرة دولية "مؤامرة”.
في النهاية، لا يمكن قراءة هذه الملفات كقصص منفصلة؛ فهي حلقات في معادلة واحدة تتعلق بشكل إسرائيل في العقد القادم.
هل تعود الدولة إلى نموذج "مؤسسات قوية تحاسب قادتها”، أم تستمر في نموذج "الدولة المصممة على مقاس زعيم واحد”؟
السابع من تشرين لم يكن مجرّد هزة أمنية على حدود غزة، بل لحظة انكسرت فيها ثقة المجتمع بقيادته.
كل نقاش حول لجنة التحقيق، وكل صفقة سلاح، وكل شهادة في المحكمة، وكل طائرة مسيّرة فوق الحدود، هو جزء من صراع واحد:
صراع تعريف الدولة لنفسها…، بين المؤسسة والقرار الفردي، بين أمن الدولة ونجاة شخص واحد.
قدمنا لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى هذا المقال : إسرائيل بعد السابع من تشرين ..حين يختلط أمن الدولة بنجاة رجل واحد - المصدر 24, اليوم الثلاثاء 18 نوفمبر 2025 05:15 صباحاً








0 تعليق