خاص – قال الخبير في مجال النفط والطاقة هاشم عقل إن أسواق الذهب العالمية تشهد تحولات تاريخية غير مسبوقة، إذ يتجه المستثمرون والأفراد والدول نحو شراء المعدن الأصفر بوتيرة متسارعة، ما يشير إلى مرحلة جديدة في طبيعة العلاقة بين الذهب والنظام المالي العالمي.

وأوضح عقل في حديثه لـ"الأردن 24" أن السوق يدخل مرحلة تحول حقيقية ويستعد لبلوغ أرقام غير مألوفة في الأسعار، معتبراً أن هذه الحالة لا يمكن اختزالها بمجرد ارتفاع في الطلب أو تقلبات موسمية، بل هي انعكاس مباشر لتبدّل عميق في النظرة العالمية إلى الذهب كأصل مالي واستراتيجي.

وأشار إلى أن دولاً كبرى مثل ألمانيا وإيطاليا بدأت بطلب استعادة ذهبها المخزّن منذ عقود في الولايات المتحدة، في خطوة وصفها بأنها مؤشر واضح على تراجع الثقة بالنظام المالي العالمي وبمؤسسات النقد الدولية التقليدية. وأضاف أن هذه التحركات لم تأتِ بمعزل عن التطورات الاقتصادية والسياسية المتسارعة التي يشهدها العالم، سواء من حيث الاضطرابات الجيوسياسية أو التقلبات في أسعار العملات الرئيسية كالدولار واليورو.

وبيّن عقل أن البنوك المركزية حول العالم تتصرف بهدوء ولكن بإصرار لافت، إذ تشتري الذهب بكميات ضخمة وباستمرارية واضحة، لافتاً إلى أن هذا السلوك لا يمكن تفسيره فقط بالرغبة في تحقيق الأرباح أو التحوط من التضخم، بل يعكس تحولاً عميقاً في بنية التفكير الاقتصادي للدول التي باتت تسعى إلى تأمين أصول حقيقية قادرة على الصمود أمام الأزمات المالية المقبلة.

وأضاف أن الذهب أصبح اليوم يتجاوز مفهوم "الملاذ الآمن” التقليدي ليقترب من فئة "الأصول الاستراتيجية”، فكل طن جديد يُضاف إلى الاحتياطي الرسمي للدول يعزز مكانة المعدن الأصفر كركيزة من ركائز الأمن المالي الوطني، وليس كأداة استثمارية قصيرة الأمد.

وأكد عقل أن هذه الموجة من الشراء المكثف من قبل البنوك المركزية قد تفتح الباب أمام موجة ارتفاعات جديدة في الأسعار العالمية، خصوصاً في ظل تباطؤ الإنتاج في بعض المناجم وارتفاع كلف الاستخراج، ما يعني أن العرض العالمي من الذهب لن يتمكن من مجاراة الطلب المتزايد في المدى المنظور.

ولفت إلى أن التحولات الجارية قد تمتد آثارها إلى الأسواق الإقليمية ومنها السوق الأردني، حيث سيزداد الإقبال المحلي على اقتناء الذهب كوسيلة ادخار طويلة الأمد، متوقعاً أن يشهد السوق المحلي حالة من النشاط النسبي مع استمرار الضبابية الاقتصادية عالمياً.

وختم عقل بالقول إن العالم يدخل مرحلة إعادة تشكيل للنظام المالي، والذهب سيبقى في صلب هذه المرحلة، مؤكداً أن "الدول التي تبني جدار أمانها بالذهب اليوم، هي التي ستقف بثبات غداً أمام العواصف المالية القادمة.”