نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
منطق المحتل ومنطق المقاومة… صراعٌ على المعنى قبل أن يكون صراعاً على السلاح #عاجل - المصدر 24, اليوم الاثنين 17 نوفمبر 2025 11:15 صباحاً
كتب اللواء المتقاعد د. موسى العجلوني
في جوهر المواجهة الدائرة اليوم حول غزة، يتصادم منطقان متناقضان إلى حدّ الاستحالة: منطق المحتل الذي يرى في نزع السلاح شرطاً لفرض الهيمنة، ومنطق المقاومة التي تعتبر أن مجرد القدرة على الصمود هي بذاتها نصرٌ تاريخي، مهما كانت كلفة الطريق. وبين هذين المنطقين تتحدد كل تفاصيل المشهد السياسي والعسكري، من الحرب على الأرض والإنسان التي لازالت دولة الكيان تفرضها في غزة رغم اتفاقية انهاء الحرب ، إلى معارك النصوص الدائرة الآن في مجلس الأمن.تدرك دولة الإحتلال تماماً – وربما أكثر من أي طرف آخر – أن ما تبقى من سلاح بيد المقاومة في غزة بعد عامين من الحرب الشرسة المدمرة وغير الأخلاقية التي شنتها على القطاع المحاصر لا يشكل تهديداً عسكرياً إستراتيجياً، ولا يغير ميزان القوى الميداني. لكنها مع ذلك تُصرّ على تجريد المقاومة من السلاح، سواء عبر جيشها مباشرة أو من خلال محاولة إدراج فقرة في مشروع القرار الأمريكي المطروح على مجلس الأمن تُلزم أي قوة دولية مستقبلية في القطاع بنزع سلاح حماس بالقوة. هذا الإصرار لا يُفسَّر بمنطق عسكري بحت، بل بمنطق السيطرة والهيمنة والإستعلاء: فالمحتل لا يستطيع أن يتعايش مع أي رمز أو قدرة أو فكرة تُذكّره بأنه ليس مسيطر على الأرض والبحر والجو ولا سيد المشهد. بالنسبة لدولة الكيان، السلاح هنا ليس قوةً او قيمةً بحد ذاته، بل معنى وفكرة ورسالة وصمود… وهذا بالضبط ما تريد القضاء عليه.
وفي المقابل، تقوم فلسفة المقاومة على منطق مختلف جذرياً: ليست القيمة في السلاح ذاته، بل في القدرة على حمله والإيمان برسالته رغم الاختلال الفادح في موازين القوى. فجوهر المقاومة ليس امتلاك القوة، بل القدرة على رفض الاستسلام واستمرار مقاومة المحتل بأي وسيلة متاحة وبأي شكل ممكن. ولهذا تستحضر الذاكرة الجمعية للمقاومين والشعوب المحتلة سلسلة من التجارب العالمية التي انتصرت فيها المقاومة الشعبية على أقوى جيوش الأرض، رغم الفارق الهائل في القوة. فقد قدمت الثورة الجزائرية مثالاً صارخاً على ذلك حين تمكن شعبٌ أعزل تقريباً من هزيمة الجيش الفرنسي بعد أعوام من القتال الشرس، لتحوّل الإرادة الشعبية إلى سلاح أقوى من تفوق القوة الاستعمارية. وفي فيتنام تكررت المعادلة بصورة أكثر دراماتيكية: مقاومون يتنقلون بين الأدغال والأنفاق، لكنهم أجبروا الولايات المتحدة—أقوى قوة عسكرية في العالم—على الانسحاب بعدما اكتشفت أن كسر إرادة شعب يقاتل من أجل حريته وهمٌ عسكري لا يتحقق. والمشهد ذاته تكرر في أفغانستان، حيث صمد المقاتلون بوسائل بدائية أمام غزوين متتالين، السوفيتي أولاً ثم الأمريكي، وانتهت كلتا القوتين إلى الانسحاب رغم تفوقهما الساحق. كما قدّم الشعب الصيني نموذجاً إضافياً حين صمد أمام الغزو الياباني في ثلاثينيات القرن الماضي، فكانت المقاومة الشعبية الممتدة من القرى إلى المدن عاملاً حاسماً في إفشال المشروع التوسعي للإمبراطورية اليابانية. هذه التجارب رسّخت في الوعي الجمعي للمقاومات الحديثة حقيقة مركزية: أن المحتل قد يمتلك القوة، لكنه يفتقد القدرة على إخماد إرادة شعب يقاتل دفاعاً عن وجوده وكرامته.
من هنا، يصبح إصرار المحتل على نزع السلاح جزءاً من معركته ضد فكرة المقاومة قبل أن يكون ضد البندقية. وتصبح قدرة المقاومة على الاحتفاظ بما تبقى من سلاح—مهما كان قليلاً او هزيلاً—جزءاً من حفاظها على المعنى والمبدأ، لا على تفوق القوة.هذا المعنى الذي لا يتغذى فقط من تجارب الشعوب المحتلة عبر التاريخ، بل من إيمان بالله وعقيدة ترتكز على قوله تعالى: "كم من فئة قليلة غلبت فئةً كثيرة بإذن الله" وقوله: "وإن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم" وقوله:"وإعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لاتعلمونهم الله يعلمهم".
وختاما، بين تصميم المحتل على إغلاق الصفحة الأخيرة من كتاب المقاومة عن طريقه مباشرة او عن طريق قوة دولية، وإصرار المقاومة على أن الكتاب لم يُكتب بعد، يبقى مستقبل غزة والمنطقة رهناً بصراع الإرادتين. فسنة الله كما أثبتها التاريخ مراراً، لا تنحاز في نهاية المطاف إلى الأقوى الظالم، بل إلى الضعيف المظلوم عندما يصرُ على الوقوف في وجه الظالم!
قدمنا لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى هذا المقال : منطق المحتل ومنطق المقاومة… صراعٌ على المعنى قبل أن يكون صراعاً على السلاح #عاجل - المصدر 24, اليوم الاثنين 17 نوفمبر 2025 11:15 صباحاً









0 تعليق