البرلمان ومسرح التساؤلات العاجزة - المصدر 24

منوعات 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
البرلمان ومسرح التساؤلات العاجزة - المصدر 24, اليوم الأحد 9 نوفمبر 2025 10:39 صباحاً

المصدر 24 - جو 24 :

 هناك لحظات تمر على الانسان كأنها صفعة على الوعي لحظة تجعلك تلتفت لنفسك وللواقع الذي تعيشه منذ سنين دون ان تدرك حجم العطل الذي اصبح جزءا من يومك حدث ذلك بينما كنت استمع الى مناقشة بدت عادية في ظاهرها لكنها حملت ثقل البلد كله فوق طاولتها وكأن الكلمات تحولت فجأة الى مرآة كبيرة تعكس ما نتهرب من رؤيته

ظننت لثوان ان الحوار سيكون مختلفا وان احدا سيجرؤ على قول ما يجب قوله وان احدا يملك مصباحا ينير هذا النفق الذي اصبحنا نحفظ تفاصيله لكن المشهد انهار مع اول كلمة بالضبط كما يحدث كل مرة نحاول فيها اقناع انفسنا بان القادم افضل

وبدون وعي تذكرت شخصية اردنية شعبية نسمعها في كل جلسة ابو صقر ذلك الرجل الذي يجمع بين حكمة الشارع وسخريته كان يقول وهو يهز سبحته اسأل حالك ليش بعدك مصدق ان الحكومة رح تجاوبك ثم يضحك ضحكته التي توجع اكثر مما تضحك

الرجل الذي يتحدث امامي كان يحمل وطنا صغيرا على كتفيه مواسم من الهم فواتير تتكاثر واسعار تتسلق وايام تضيق كأنها غرفة بلا نافذة لم تكن كلماته مرتبة ولم يكن بحاجة الى ترتيب فالتعب وحده كان يتحدث عنه

تحدث عن الغلاء كما لو انه وحش يلتهم تفاصيل الحياة فواتير كهرباء ترتفع رغم ان البيوت نفسها لم تتغير ورواتب تكتب بأرقام اكبر لكنها تهبط فعليا وفوائد بنكية تتحول مع الوقت من التزام الى عبء ومعيشة تتقدم بخطوات سريعة بينما الناس يتعثرون خلفها

لكن الشكوى الاكبر لم تكن الغلاء بل الحديث عن الغلاء هذا الاستنزاف النفسي اليومي ان تشرح ما يعرفه الجميع وان تسأل اسئلة بلا اجابة وان تتظاهر بانك لا ترى الحقيقة رغم انها امامك بكل وضوحها

ثم قال جملة كانت الانهيار هو في حاجة وانا شاهد لكنه يعرف ونعرف جميعا ان الشاهد لا يغير شيئا اذا اكتفى بالمشاهدة

ومن هنا تبدأ الحكاية الاكبر حكاية برلمان لم يعد يمارس دورا يطمئن الناس بل تحول الى قاعة كبيرة تطفو فيها الاسئلة بلا رد والى متى يبقى البرلمان مجرد منصة لعرض مشكلات يعرفها الجميع والى متى يبقى دوره اعادة تدوير الشكوى بدل صناعة الحل والى متى يتحدث النواب اكثر مما يعملون ويسألون اكثر مما يجب ان يجيبوا

لقد اصبحت الجلسات تشبه مسرحية بلا حبكة اسئلة تطرح مداخلات ترتفع اوراق تلوح اصوات تعلو وفي النهاية لا شيء يحدث وكأن كل هذا الضجيج مجرد تسجيل حضور

وابو صقر له جملة خالدة في هذه المواقف البرلمان بيسأل اسئلة احنا حافظينها وبيسمع اجوبة احنا عارفين انها بس للجو مش للتطبيق

الناس لم تعد تريد كلمات ولا بيانات مطبوعة ولا خطابات منمقة الناس تريد فعلا واحدا يشعرهم ان صوتهم لا يضيع في الهواء وان الوجع ليس مادة نقاشية بل مسؤولية على احدهم ان يعالجها

وحين انتهى النقاش شعرت ان الرجل لم يكن يبحث عن حل بل عن اعتراف ان ما نمر به ليس طبيعيا وان الصبر ليس قوة بل اضطرار وان الحياة اصبحت اثقل مما يجب واننا نعيش في دائرة لا تنكسر

وبقي السؤال معلقا في داخلي والى متى والى متى يبقى الحديث هو الاداة الوحيدة والى متى يظل المواطن يشرح والنائب يسأل والحكومة تصمت والى متى سنبقى نعيد المشهد نفسه وكأن الزمن توقف عند لحظة لا تريد ان تنتهي

وربما السؤال الاصعب هل ما زلنا ننتظر فعلا ام اننا اعتدنا المشهد حتى بتنا نخشى تغييره

 

قدمنا لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى هذا المقال : البرلمان ومسرح التساؤلات العاجزة - المصدر 24, اليوم الأحد 9 نوفمبر 2025 10:39 صباحاً

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق