مالك عبيدات — أثار قرار إعفاء الشركة المنظمة لحفل الفنانة هيفاء وهبي من الضرائب والرسوم موجة جدل واسعة، بعد تداول وثيقة رسمية صادرة عن وزير السياحة والآثار بهذا الخصوص. واعتبر مواطنون وناشطون أن الحكومة "تتنازل عن إيرادات عامة” في وقت ترفع فيه الرسوم والضرائب على المواطنين، مطالبين بتوضيح رسمي حول أسباب الإعفاء ومبرراته.

أولًا: الجدل الشعبي بعد تسريب وثيقة الإعفاء

مع انتشار الكتاب الرسمي الذي يمنح الإعفاء الضريبي، عبّر العديد من المواطنين عن استغرابهم من منح تفضيلات مالية لفعالية فنية وصفوها بأنها "ربحية وخاصة”، متسائلين عن معايير منح الإعفاءات، ولماذا لا تُوجّه مثل هذه الحوافز إلى الفعاليات التي تخدم المجتمع المحلي.

وطالبوا الحكومة بالإفصاح عن الأسس التي اعتمدت عليها وزارة السياحة في اتخاذ القرار، في ظل ظروف اقتصادية ضاغطة.

ثانيًا: رد الشركة المنظمة للحفل – عوائد اقتصادية بـ 270 ألف دينار وإعفاء لا يتجاوز 11 ألفًا

أصدرت الشركة المنظمة — مكتب العطلة الأردنية للسياحة — بيانًا قالت فيه إن الحفل الذي أحياه الفنانان هيفاء وهبي وفارس كرم حقق عوائد اقتصادية مباشرة وغير مباشرة تجاوزت 270 ألف دينار انعكست على قطاعات الفنادق والنقل والطيران والمطاعم.

وتضمن البيان الأرقام الآتية:

نحو 650 زائرًا عربيًا قدموا لحضور الحفل.

306 غرفة فندقية مشغولة بقيمة تقارب 87 ألف دينار.

إنفاق إضافي على خدمات النقل والطعام والطيران ورسوم الدخول يقدّر بـ 100 ألف دينار.

دفع 7 آلاف دينار لنقابة الفنانين الأردنيين.

وأكد المكتب أن الإعفاء الضريبي الذي حصل عليه لم يتجاوز 11 ألف دينار فقط، وأن القرار استند إلى تعليمات قائمة تمنح الحوافز للفعاليات السياحية بعد استيفاء شروط محددة.

ثالثًا: رواية نيابية مخالِفة – الإعفاءات تتجاوز 40 ألف دينار

دخل نواب على خط القضية، ليكشفوا أرقامًا مغايرة لما قدمته الشركة المنظمة.

وأصدر النائب معتز أبو رمان بيانًا تفصيليًا قال فيه إن قيمة الإعفاءات تتجاوز 42 ألف دينار فعليًا، أي أربعة أضعاف الرقم المعلن رسميًا.

وبحسب أبو رمان:

1. ضريبة المبيعات

إيرادات التذاكر بين 170–190 ألف دينار.

الضريبة المستحقة (16%) بين 27,200 – 30,400 دينار.

جرى إعفاؤها كاملة.

2. ضريبة الدخل

صافي ربح نقدّره الجهات المختصة بـ 60 ألف دينار.

ضريبة الدخل المستحقة 12 ألف دينار.

تم إسقاطها بالكامل.

3. أسعار التذاكر

من 140 إلى 700 دينار، وهي أسعار "لا تتناسب مع قدرة الطبقة المتوسطة والمواطنين”، ما يجعل الفعالية "ربحية بحتة”.

4. عدد التذاكر المباعة

بيع 634 تذكرة بقيمة تقترب من 190 ألف دينار.

5. غالبية الحضور من خارج الأردن

ما يعني — وفق أبو رمان — أن الإعفاء "لم يكن له أثر مباشر على المواطن الأردني”.

ويؤكد النائب أن الإيرادات غير المباشرة لا يمكن استخدامها قانونيًا لتبرير الإعفاء الضريبي، لأنها لا تشكّل وعاءً ضريبيًا للفعالية.

---

رابعًا: الخلاف القانوني… مبدأ الاستحقاق الضريبي

يستند المنتقدون إلى قاعدة ضريبية أساسية:

> "الضريبة تستحق عند تحقق الإيراد أو الربح المباشر، ولا تُسقط بسبب عوائد جانبية غير خاضعة للضريبة.”

وبذلك، يرى نواب وخبراء أن إعفاء فعالية ترفيهية ذات طابع ربحي "لا ينسجم مع مبدأ الاستحقاق الضريبي”، ولا مع العدالة بين المكلفين.

خامسًا: مخاوف من غياب الشفافية

التناقض بين الأرقام المعلنة (11 ألفًا) والمقدّرة نيابيًا (أكثر من 40 ألفًا) فتح الباب أمام تساؤلات حول:

كيفية إدارة ملف الإعفاءات للفعاليات الخاصة

معايير منح الحوافز في القطاع السياحي

ويرى مراقبون أن هذه التباينات "تُضعف الثقة بالمنظومة الضريبية”، وتثير الشكوك حول عدالة الإجراءات.

سادسًا: غياب رد وزير السياحة والآثار

خلال إعداد هذه المادة، حاولت منصة الأردن 24 التواصل مع وزير السياحة والآثار الدكتور عماد حجازين للحصول على رد رسمي حول:

حجم الإعفاء الحقيقي

الأسس التي استند إليها

سبب وجود تباين كبير في الأرقام

إلا أنّ الوزير لم يجب على الاتصالات، كما تم توجيه سؤال مكتوب رسميًا دون تلقي أي رد حتى لحظة نشر التقرير، ما زاد من حالة الغموض المحيطة بالقضية.

ختامًا: ملف بحاجة إلى كشف الحقائق

القضية مستمرة، والسؤال الرئيسي الذي يشغل الشارع هو:

هل طُبق القانون بعدالة في منح الإعفاء؟

وبين رواية رسمية تؤكد دعم السياحة، ورواية نيابية تتحدث عن "إعفاءات مبالغ بها”، يبقى الملف مفتوحًا إلى حين تقديم الحكومة إيضاحًا رسميًا بالأرقام الدقيقة، حفاظًا على المال العام وترسيخًا لمبدأ العدالة الضريبية.