نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
تخاذل المجتمع ولا رجال دولة... من عنده إرادة الحل؟ - المصدر 24, اليوم الأربعاء 12 نوفمبر 2025 11:58 صباحاً
المصدر 24 - الدكتور عادل عقل
تكثر مجالات التسميات للوضع في لبنان، تتدحرج كل المؤسسات الى الهاوية، يتشرذم المجتمع اللبناني، تتصادم كل القناعات وما من يرى الوضع بطريقة فكرية متعقلنة. الجميع في تشتت وانحراف حتى الحالة العقلية عند الأفراد اصبحت في ضياع دون اي مقاييس او توازن ممكن في القدرة على التحمّل.
هل هي الروح القبلية الطاغية رغم القشور العلمية والثقافية التي كان اللبناني يتغنّى بها ويخفي جهله العميق وعدم قدرة اي مسؤول للترفع الى مفهوم رجل الدولة وما يتبعه من مسؤولية وطنية.
إن المسؤول حاضراً يتلطى في المظاهر البرّاقة ويبقى على النفس الميليشيوي. اصبح العديد من الاجيال اللبنانية واي من الاجيال غرقى في تفكك الاوهام والسعي المنحرف بعيداً عن مقاييس الدولة المتكاملة وصاحبة البنيان والقرار للوصول الى حلول. اننا في منطقة غارقة في لعنة الوجود والجهل الاعمى، تغذيها الانقسامات وتراكم الصدمات من دولة اسرائيل بما لها من قدرة فتاكة وما لها من مساندات ومساعدات خاصة من اميركا والعديد من الدول.نحن في تقاتل مافيوي لما نعيش من إغتيالات شخصية وتدمير ممنهج للبشر والحجر. اما فلسطين فهي في ضياع بين مسؤوليها وخاصة في تشرذم الدول المتعاطفة مع الشعب الفلسطيني. فالتقاتل اليومي والغارات المفجعة هل هي الطريق إلى الحلول؟ هل القرار هو التضحية بركائز البلد نصرة لاسترجاع الأرض المغتصبة دون وجود سياسة دفاعية محددة. ام هي انحراف للاهداف والغرق في الاحجية والعقد والتبريرات لاهداف مغايرة، ولسياسات ومصالح جماعات تستهوي الصراعات تطبيقياً لمفاهيم اقليمية او دولية او لقناعات جهادية وإيمانية.
اين رجال الدولة يخطون الطريق الوطني بعيداً عن الالاعيب "والكشاتبين". يظهرون على الشاشات بكلام حق يراد به باطل. ان صراعاتنا تنطلق من مبدأ ان البندقية تزرع والسياسة تحصد.فالمقاومة حق ولكن بعيداً عن الانتحار. فالحزب اصبح ضد الدولة اكثر منه ضد اسرائيل. الكل في ضياع. فالغريزة عند الانسان تتأجج وتنحو للمصارعة او التقاتل. اما في لبنان خاصةً فمسؤولوه لا يملكون القدرة والوعي لحماية الوطن الصغير من تلاطم المصالح والرغبات وخاصة صراع القناعات والعقائد المتنافرة. تخاذلت الطبقة المسؤولة لعدم القدرة الفكرية بما يجب ان يكون في "رجل الدولة" بل تدنّت الى المفهوم الميليشيوي والرغبات القاتلة. المجتمع اللبناني تتجاذبه مفاهيم ومعتقدات متضاربة وذلك كله من نسج الخيال لكل فصيل او جماعة بما تجمّع عنده من مخزون فكري وعاطفي. ومن هذه المفاهيم يمكن التوغل اما في الجمود والتحجّر الفكري ومنها التقاتل والتصارع واما الارتقاء الى فسحات التلاقي والتأزر ومنها بناء المجتمع. هذا المجتمع كانت تنمو فيه حرية العقيدة والعبادة، حرية الراي والتعبير، حرية البحث العلمي وحرية الابداع الفني والحضارة المتطورة. فالصراع لا يكون عادةً بين نظرية علمية ونظرية دينية ولكن وجب ان يكون بين نظرية علمية واخرى علمية ما يساعد تطور المجتمع وارتقاء الانسان من ضلاله الى فسحات التنور والتلاقي. من الطبيعي ان يكون هذا خيار الانسان حتى لا ينجذب الى المتخيل بعيداً عن العلم.
وفي عودة الى المفهوم النفسي اي ما بين "الانا" و"الهو" و"الانا العليا". فالانا العليا هي القطب المثالي والخلقي والقوانين والسلطة. اما الانا فهي القطب الذي يسعى الى الاستقرار والتوازن والسعي الامن الى الحياة (رغبة الحياة). اما الهو فهو الجانب الغريزي المتْعوي (من المتعة). هذه الصراعات تنطلق من اللاشعور وكل الحالات المكبوتة القابلة للانفجار، والصراعات القاتلة، والسيطرة والتدمير.
اين التحرك العام المسؤول؟ فعلى المسؤولين ولكن اي مسؤولين؟ ان يجوبوا الارض اصقاعاً وامصارا لطلب النجدة وحث باقي الدول الفاعلة واصدقاء لبنان للزود والمساندة. وطبعاً لجم جموح اسرائيل وعنجهيتها واستكبارها. فهل من مجيب! هذا الحراك يُسأل عنه جميع الافرقاء الظاهرين والمتلطين، من هم في السلطة او ما يُشبه السلطة ومن هم المتخفون واصحاب النوايا الحسنة او من يدّعون المعارضة. نحن في وضع ينكفئ فيه الاخيار ويتمادى فيه الاشرار. فكيف لمجلس النواب ان يبقى شبه معطل بل وجب عليه ان يكون صوت الشعب، وألم الشعب ومعاناة الشعب، والمحرّك لكل ما امكن من افعال ومقررات لبناء هيكلية الدولة. هذا ما يجب حتى نتحرر من غرائزنا ومن الشياطين الكامنة في اعماقنا ومن نوازعنا الحيوانية. فالحاكم عندنا يدّعي امتلاك الحقيقة بل يعتقد انه هو الحقيقة وهذا نتيجة نرجسية وسيادة الطابع المتفرعن والمنحرف عند اكثر المتسلطين. الجميع يتلطى بالكتمان وتغليب الخبث وعدم الاخلاص والرياء والنفاق. هم يتقنون سياسة الصراع في جلسات الرذيلة عند التلاقي في المجلس دون الاهتمام بما يحتاجه المجتمع. في مجتمعاتنا كيف لا توجد امكانية التضامن للدفاع عن المصالح العامة. الناس تنزل الى الشارع للهتاف والتصفيق ارضاءً للمرجع السياسي وتعود مغمورة ظاهرياً ومقهورة فعلياً إما لصدّها وقمعها وإما لعدم المبالاة من المسؤولين. فما العمل والفساد في تعمّق والانسان إلى إنحطاط مدوّي والدمار إلى توسع.
انها الفرصة المؤاتية للمّ الشمل.
انها الفرصة لتلاقي النوايا الحسنة.
انها الفرصة لتدعيم الجامعة اللبنانية وحماية الأجيال الطالعة.
انها الفرصة لتنشيط الدورة الأقتصادية وانتظامها.
انها الفرصة لمدّ اليد الى لبنان الاغترابي وعقول الشباب المهجّر.
انها الفرصة للعودة الى رعاية الدولة وجميع مؤسساتها.
انها الفرصة لمساندة الجيش والاحتماء به دون غيره.
هذا ما يفرض الابتعاد عن مفاهيم التقاتل والتحكم الشمولي. هذا ما يفرض الابتعاد عن تحكم القناعات القاتلة المغموسة بالماورائيات والضلال للانسان. فليس بالاسلحة تُحل العِقَدْ والاحجية بل بالتلاقي والتحاور وتغليب المقومات العقلية والدبلوماسية لاتمام المبتغي واحقاق الحق.
فمن يعي ومن يرعوي؟ ومن يأخذ القرار الوطني؟
(فان الله يُضِلّ من يشاء ويهدي من يشاء).














0 تعليق