نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
اللبناني: بين امتياز الهوية وعذاب الجنسية - المصدر 24, اليوم الأربعاء 12 نوفمبر 2025 10:26 صباحاً
المصدر 24 - كاتيا سعد - الامارات
هل تعلم ماذا يعني أن تكون "لبنانياً" أو "لبنانية"؟ يعني أنك تحمل صراع الهوية والجنسية، وأنك تمتلك المهارة والمصيبة. لبنان ليس مجرّد وطن بل هو تكريم لكل مواطن مهما كان دينه وعرقه وعمره وفئته المجتمعية، هو تكريم ليس فقط لماضٍ عاشه وصمد ولا لحاضر يعيشه ويقاوم، بل لمستقبل يتطلّع إليه ويتحضّر لما سيحدث.
كثيراً ما يتردد على مسمعي "شو ع بالك أنتِ فرنسية"، "معك جواز سفر فرنسي مريّحة راسك" وغيرها من الأقاويل التي تارةً تبدو كأنهم "يعايرونني بلبنانيتي الملوّنة بنكهة أجنبية"، وتارة أخرى كأنهم "يهلّلون لانتصاري بازدواجية الجنسية". ولكن مهما كانت نياتهم، دائماً ما أردّد على مسمعهم "لكنني لبنانية قبل أي هوية ثانية". وإذا أردت التحدث بالأرقام، فأنا اليوم قد عشت نصف عمري في لبنان الوطن، والنصف الثاني في الخارج مغتربة، وأعتبر نفسي مواطنة لبنانية بقدر ما أعتبر أنني مواطنة فرنسية. ومع ذلك لم ألغ ولو ليوم واحد هويتي الأصلية أو أخجل من إبرازها، بل على العكس أنا فخورة بأنني أمتلك امتياز كوني لبنانية الهوية بالفطرة بجنسية أجنبية مكتسبة. لماذا؟
صورة لبنان في الخارج "أكثر براءة"
لربما تعلّقي الزائد بلبنانيتي ناتج من لبنان الذي عشته فيه بلائحة المزايا التي ترتبط بإسمه قبل أن تكسوه "الحروب الباردة" والأزمات المتتالية. لربما بالنسبة الى البعض وحتى كما يبدو في الإعلام، هو الأرض التي تفتك بها الحروب. ولكن في الغربة، اكتشفت أن الصورة أجمل بكثير وأكثر براءة: كانت عبارة Ah tu es Libanaise, le Liban est un beau pays …"
"آه انت لبنانية، لبنان بلد جميل"، التي ينطقون بها لدى معرفتهم بأنني لبنانية، تعبّر عن جمالية هذا البلد في نظرهم. ناهيك بربطهم اسم لبنان بتعدّد الأديان، الثقافات، وحتى الفصول. لبنان كما يرونه هو مركز للفرح والسهر، ولكن أيضاً رمز للصمود وعدم الاستسلام. هذا ليس فقط لبنان كما يرونه، بل لبنان كما أراه لأنني ببساطة لم أكن شاهدة على المِحَن والأزمات إلا من بعيد. وكلما حاول أحدهم أن يبرّر غربتي بأنني "هربتُ من الحرب أو الأزمة"، كنت أنتفض لأجيب: "أنا لم أسافر هرباً... حين سافرت كان لبنان بأحلى حُلّة... لم يكن هروباً، بل كان خياراً لمتابعة دراستي". تعلّمت وعملتُ، استقرّرتُ وتأقلمتُ في وطن آخر أصبح وطني أيضاً وأحمل جنسيّته التي تدللني، "نعم" وبفضلها لم أكن يوماً ممّن بدأوا في فترة معينة بسبب جواز السفر اللبناني.
سيناريوهات الحصول على جنسية ثانية
هنا، أتحدّث عن "عذاب" اللبناني بجواز سفره... أذكر حين تقدّمت الى السفارة الفرنسية، وكان لبنان في أحسن أحواله، لم تعترضني أي مشكلة في الفيزا. ولكن قبل بضع سنوات، بات كل ما يتعلق بجواز السفر اللبناني يشكل "أزمة" لصاحبه، مع الأسف! قد أتساهل في شعوري مع رفض فيزا سياحية، بحكم يمكن إعادة طلبها أو ببساطة التوجه إلى بلد لا يحتاج فيزا أو يسهل الحصول عليها من بلد آخر. ولكن أتفهم غضب الشخص من عرقلة فيزا العمل في الخارج التي قد تصل حدّ الرفض المتكرّر. هنا، كيف لا نبرّر سعي اللبناني من أجل جواز سفر أجنبي؟ السيناريوهات المختلفة في وجه أن تنال جنسية أخرى: الإنجاب في بلد أجنبي فقط لتضمن الأم لابنها أو ابنتها هذا الامتياز، الزواج من أجنبي (أو أجنبية)، وشراء الجنسية في بعض الدول التي تقدّم هذه الميزة واللافت أن شخصيات لبنانية معروفة تقوم بالتسويق لهذه "الخدمة".
أن يتمنى المواطن اللبناني حصوله على جنسية أخرى، ليس انتقاصاً من حب الوطن... بل حقّ ينسبه المواطن لنفسه، وإجراء احترازي ليضمن حقه كإنسان في وجهة جديدة في حال ضاقت الأوضاع، أو فقط إن أراد السفر لإجازة أو حتى للعمل. أصبح هذا بمثابة توازن ما بين الهوية والجنسية!

















0 تعليق