هل يصبح تقسيم غزة واقعًا دائمًا.. ومَن سيقبض على أسلحة حماس قبل المرحلة الثانية؟ - المصدر 24

اخبار جوجل 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
هل يصبح تقسيم غزة واقعًا دائمًا.. ومَن سيقبض على أسلحة حماس قبل المرحلة الثانية؟ - المصدر 24, اليوم الثلاثاء 11 نوفمبر 2025 05:14 مساءً

المصدر 24 - كان الخريف آخر مرة اختُبر فيها صبر الأرض، لكن الشتاء السياسي الذي تلاه زاد التجاعيد في وجه المشهد الفلسطيني — غزة على خطّ صفرٍ جديد، وخططٌ دولية تتعثّر عند أول مفترق طريق. ما بدأ كخطة لإنهاء حربٍ دموية تحوّل بسرعة إلى مسعى لإعادة تركيب جغرافيا الحياة هناك: خطّ مرسوم بالخرسانة الصفراء يمكن أن يتحوّل، في غياب إرادة دولية واضحة، إلى حدود فعلية تقسّم القطاع إلى شطرين — جزء تحت سيطرة إسرائيل وجزء تحت إدارة “حماس”.

هذا الاحتمال لم يأتِ من فراغ، فالتقارير الدبلوماسية والمصادر الغربية التي تتابع ملفّ المرحلة التالية تحذّر من أنّ البنية العملية على الأرض تتقدّم أسرع من أي اتفاقٍ سياسيٍّ ملموس.

المشهد يعمل وفق منطق القوة والفراغ: إسرائيل احتفظت بالمساحات الحيوية من القطاع — أراضٍ زراعية ومناطق حدودية وأجزاء من مدينة غزة — بينما بقيت الكتلة الأكبر من البشر في مناطقٍ منهكة تحت سلطة فاعلٍ محليٍّ لم يتخلَّ عن أدواته الدفاعية. وهنا يكمن التناقض الجوهري: خطٌّ أصفر يرسم حدودًا إدارية، لكنه لا يحلّ مسألة الشرعية أو الأمن أو من يُحمَّل مسؤولية حماية المدنيين وإعادة الإعمار.

وسط هذا الفراغ، برزت فكرةٌ وسيطة — مفاوضات ومقترحات مصرية تقضي بأن يسلّم مقاتلو “حماس” أسلحتهم إلى القاهرة كضمانةٍ مقابل مرورٍ آمن أو انسحاباتٍ موضعية. ليست الفكرة جديدة تمامًا، فالمصريون لطالما لعبوا دور الوسيط، ومصادر مصرية ودولية تشير إلى أنّ اقتراحًا من هذا النوع طُرح فعلًا خلال جولات وساطةٍ أخيرة، خصوصًا بالنسبة إلى المحاصرين في رفح، حيث عرضت القاهرة استلام الأسلحة وكشف الأنفاق مقابل خروجٍ آمن أو تسويةٍ موضعية.

لكنّ الخلاف ليس تكتيكيًا فحسب، بل وجوديًّا بالنسبة إلى “حماس” التي ترفض علنًا التخلي عن ترسانتها باعتبارها شريان قدرتها التفاوضية ومحور هويتها العسكرية والسياسية.

فهل هذا يعني أنّ الأسلحة ستُسلَّم إلى القاهرة قبل المرحلة الثانية؟ الجواب المختصر: ليس مؤكدًا — لكنه واردٌ ضمن صياغات الوساطة، شرط أن تُفعِّل مصر والدول الضامنة ضوابط إشرافية قوية.

ورغم ذلك، تظلّ العقبة الأساس سياسيةً وعمليةً في آنٍ واحد.فبينما تشير تقارير إلى مقترحاتٍ محددةٍ تقضي بإيداع أسلحة المقاتلين لدى الطرف المصري أو لجنة مصرية-دولية، تؤكّد مصادر أخرى أنّ “حماس” تُصرّ على رفض التسليم الشامل، وإنْ ثمة إشاراتٍ عن مرونةٍ جزئيةٍ غير معلنة تتعلّق بأنواعٍ معينةٍ من الأسلحة — كالصواريخ بعيدة المدى — أو ترتيباتٍ رقابيةٍ بديلةٍ عن تسليمٍ كاملٍ لترسانة الحركة.

باختصار: هناك نوايا ومناقشات ومقترحات، لكن لا تنازل عامًّا وموثّقًا بعد.

ثمة عنصرٌ ثالث يثقل كفّة القرار: المجتمع الدولي نفسه غير متّحدٍ على قبول مهمةٍ عسكريةٍ أو شرطيةٍ تباشر إيقافًا فعليًا لامتلاك السلاح داخل غزة. واشنطن قدّمت مسودة قرارٍ لمجلس الأمن تمنح ولايةً لقوةٍ متعددة الجنسيات وهيئةٍ انتقاليةٍ لفترةٍ مؤقتة، لكنّ دولًا عدّة مترددةٌ في إرسال قواتٍ إذا كان دورها يتجاوز حفظ السلام إلى مواجهةٍ مسلحةٍ أو إدارةٍ يوميةٍ للقطاع.

وفي هذه الحالة، من يضمن تطبيق بندّ نزع السلاح إذا لم تكن هناك قوةٌ على الأرض مؤهلةٌ وقادرةٌ ومستعدةٌ لتحمّل المواجهة؟ هذا انشغالٌ عمليٌّ يُضعف احتمال تنفيذ تسليمٍ واسعٍ للأسلحة قبل أن تتبلور آليات التنفيذ الدولية.

ولأنّ السياسة ليست نظرياتٍ بل مصالح متضاربة، فإنّ رهانات كل طرف تختلف: إسرائيل تريد ضماناتٍ تمنع تكرار الهجوم الذي انطلق في أكتوبر 2023، و“حماس” تريد الحفاظ على ما تعتبره مقوّمًا لمقاومتها ووجودها السياسي، والدول الإقليمية — ومصر في القلب منها — تبحث عن حلٍّ يوازن بين الأمن والشرعية ويمنع تفلّتًا إنسانيًا أكبر.

والسؤال الأخطر: هل سنشهد تسليمًا مصريًا للأسلحة كخيارٍ مرحليٍّ يقلّل من إمكانية الصدام، أم سنكتفي باتفاقاتٍ شكليةٍ تُركن إلى مراقبةٍ ضعيفةٍ ووعودٍ لا تكفي لاستعادة الثقة؟

الواقع الميداني والتردّد الدولي يشيران إلى الاحتمالين معًا — أي أن سيناريوهاتٍ جزئيةً ممكنة، والسيناريو الشامل أقلّ احتمالًا ما لم تتولّد إرادةٌ دوليةٌ قويةٌ ومؤسسية.

خلاصةٌ سريعةٌ للقارئ: إذا كنت تبحث عن إجابةٍ قاطعة، فالجواب: لا توجد ضمانةٌ بأنّ أسلحة “حماس” ستصل إلى القاهرة قبل المرحلة الثانية. لكن هناك آلياتٌ مقترحةٌ ومحاولات وساطةٍ مصريةٍ تطرح هذا الحلّ كخيارٍ وسطيٍّ، وقد يُطبّق جزئيًا على مجموعاتٍ أو نوعياتٍ محددةٍ من الأسلحة.

أما التنفيذ الكامل فمرهونٌ بمقايضاتٍ سياسيةٍ ووجود قوةٍ دوليةٍ قادرةٍ على الإشراف، وبإجاباتٍ عمليةٍ عن سؤالٍ أكبر: من سيعيد الأمن والسلامة لسكان غزة على الأرض؟

كاتب وباحث في الجيوسياسية والصراعات الدولية

[email protected]

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق