المصدر 24 - تداولت العديد من الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، قبل يومين من موعد التصويت العام للانتخابات البرلمانية العراقية، أخباراً تدّعي أنَّ زعيم "التيار الوطني الشيعي" مقتدى الصدر يدعو أتباعه إلى المشاركة في الانتخابات، وأن هناك دعوة من المرجع الديني علي السيستاني لمقاطعتها. إلا أنَّ هذه الادّعاءات مختلقة. ولا يزال الصدر مصرّاً على المقاطعة، بينما قال السيستاني إن قرار المشاركة بيد الناخبين. FactCheck#

"النّهار" دقّقت من أجلكم

في الادّعاء الأول، قالب إخباري لقناة "الرابعة" يتضمّن صورة لقتدى الصدر، مع خبر (من دون تدخّل): "الصدر يدعو أنصاره إلى المشاركة في الانتخابات". وحاز الخبر تفاعلاً واسعاً، ونال انطلاقاً من صفحة واحدة أكثر من 2800 تفاعل. 

وقد تحقّقت "النّهار" من الادّعاء، واتّضح أنَّه غير صحيح:

1- بعد البحث في الصفحات الرسمية لمقتدى الصدر، ومكتبه الخاص، ووزيره، وصفحات فصيله المسلّح "سرايا السلام" والمقربين منه، تبيّن أنَّه ليست هناك دعوة مشابهة للعودة عن قرار المقاطعة والمشاركة في الانتخابات.

ويعود آخر ما نشره الصدر في حسابه على منصّة إكس الى يوم 2 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، وهو منشور أكّد فيه الثبات على مقاطعة الانتخابات. وقال إنَّ "قرار المقاطعة صعب مستصعب على الكثيرين. لكنني لم أفعل ذلك إلا طاعة لله ولرسوله صلى الله عليه وآله".

لقطة شاشة لمنشور الصدر (إكس)

وأوضح الصدر أنَّه "ما كانت المقاطعة إلّا ثقة بالصحب والرعية، الذين لا أتوقع منهم إلا الطاعة، بل القناعة كما عهدتهم (ولن يحيصوا حيصة) بل هم كالشمس والقمر دائبون طائعون لا يفترون ولا للدنيا يطلبون ولا لمشاركة الفساد يرغبون، بل عنه يرغبون". وختم منشوره بوسم #مقاطعون.

2-    بالإضافة إلى ذلك، نشر وزير الصدر صالح محمد العراقي، أمس السبت، قصاصة كتب عليها بخط مقتدى الصدر وتوقيعه: "وإذا اعتزلتموهم وانتخاباتهم فأووا إلى الإصلاح والمقاطعة، ينشر لكم ربكم من رحمته ويهيئ لكم من أمركم مِرفقا".

لقطة شاشة لمنشور وزير الصدر (إكس)

كذلك، وجّه الوزير في منشور آخر، نقلاً عن الصدر، نصحاً للمشاركين بالانتخابات. وقال: "فخذوا العطاء وخذوا أموالهم وصوّروا ورقة الاقتراع إذا لم يكن ذلك ممنوعاً... ثم بعد التصوير أبطلوها بأي كتابة أخرى، فتلغى ورقة الاقتراع. فقد حَرمتهم من أموالهم وحَرمتهم من صوتك". وختم بـ"نحن #مقاطعون والسلام ختام".

لقطة شاشة لمنشور وزير الصدر (إكس)

3- كذلك، لدى البحث في صفحات قناة "الرابعة" على مواقع التواصل، تبيّن أنَّها لم تنشر الخبر، وأنَّ قالبها الإخباري المتداول معدّل. واحتوت الصورة الأصلية المنشورة في حساب القناة على منصة إكس، يوم 14 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، على نص مفاده: "وزير الصدر: المقاطعة لا تحتاج إلى البوسترات والإعلانات والدعايات".

لقطة شاشة لصورة الخبر الأصلي (إكس)

حقيقة دعوة من السيستاني الى المقاطعة

الى جانب هذا الخبر المختلق عن الصدر، انتشر قالب إخباري لـ"شبكة الإعلام العراقي" تضمّن صورة للمرجع الديني الأعلى علي السيستاني، مع خبر (من دون تدخّل): "السيستاني يدعو الشعب العراقي إلى مقاطعة الانتخابات". وحاز الادّعاء تفاعلاً واسعاً، ونال انطلاقا من صفحة واحدة أكثر من 3400 تفاعل. 

الخبر الخاطئ المتناقل (فايسبوك)

وعلى غرار السابق، تبيّن ان هذا الخبر غير صحيح: 

1- بعد البحث في الموقع الرسمي للمرجع السيستاني، والعتبات الحسينية والعباسية والعلوية، اتّضح أنَّ المرجع لم يصدر بياناً مماثلاً عن مقاطعة الانتخابات. كذلك، لم تنقل القنوات الفضائية والإعلام الرسمي بياناً بهذا الصدد.

2- نشر معتمد المرجعية الدينية في محافظة الديوانية رجل الدين باسم الوائلي، يوم 18 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لقطة شاشة لرد من مكتب الاستفتاءات التابع لمرجعية السيستاني، على أحد المواطنين، بشأن موقفها من الانتخابات. وكانت الإجابة: "بحسب قناعة المواطن، فإن وجد أن المشاركة أوفق بمصلحة العراق، فليشارك بانتخاب المرشح الصالح الأمين".

لقطة شاشة لمنشور معتمد المرجعية في الديوانية (فايسبوك)

3- القالب الإخباري المتناقل معدّل، ولم تنشره شبكة الإعلام العراقي أو قناة "العراقية الإخبارية". ويبيّن البحث أن القناة نشرت الصورة الأصلية يوم 6 مارس/آذار 2021، وتضمّنت خبراً مفاده: "مكتب السيد السيستاني ينشر تفاصيل اللقاء مع المرجع الأعلى والبابا"

لقطة شاشة لصورة الخبر الأصلي (فايسبوك)

وتأتي موجة الادّعاءات المنسوبة إلى مقتدى الصدر والمرجع علي السيستاني في سياق انتخابي محتدم، قبل يومين فقط من موعد التصويت العام للانتخابات البرلمانية العراقية، إذ تسعى بعض الأطراف والصفحات المؤثرة إلى توجيه الرأي العام عبر بثّ أخبار مضلّلة تمسّ بشخصيات دينية وسياسية ذات ثقل شعبي، خصوصاً مثل السيستاني والصدر، اللذين يمتلكان قواعد شعبية كبيرة في العراق، ويمكن لمواقفهما أن تقلب الكثير من الموازين.

وتهدف هذه الادّعاءات الزائفة إلى إرباك جمهور "التيار الوطني الشيعي" (التيار الصدري سابقاً) والتأثير في توجهات الناخبين المتردّدين، عبر الإيحاء بتغيّر مواقف الصدر من المقاطعة، أو بوجود لدى المرجعية العليا موقفاً دينياً  يدعو للمقاطعة .