كتب وسام السعيد -   في ظل التطورات المتسارعة في العالم ، لم تعد الأماكن كما كانت تُرى في عيون الآباء والأجداد .

 لم تعد رقعة الأرض ضمانة، ولا المحل التجاري إرثاً يورّث كما هو.

 الحقيقة التي لا يحب الكثير الاعتراف بها هي: لا شيء ثابت… والأماكن لا تُورَّث. 

 فالمدينة التي كنت تعرفها قبل 40 عاماً لم تعد هي المدينة والشوارع التجارية والأسواق لم تعد كما هي. 

والحي الذي نشأت فيه صار نقطة عبور لا نقطة استقرار. 

الأسواق ترحل، والازدحام يتحول، والمراكز التجارية تنشأ في اتجاهٍ ثم تخبو في آخر، والناس تنتقل مع رزقها لا مع ذكرياتها. 

 حتى العقارات التي كنا نعتقد أنها "ثروة أبدية” أصبحت قيمتها مرتبطة بالحركة من حولها، لا بعمر الجدران.

 والشوارع القديمة التي كانت مركز الحياة والتجارة التقليدية  أصبحت اليوم مجرد خطوط إسفلت تمرّ عليها الحياة سريعاً دون أن تتوقف. 

 وقد يحدث أن تعيش في منطقة ازدادت زحمتها أو قلّت قيمتها، أو تجد نفسك بعد سنوات مضطراً للانتقال رغم حبك للمكان. 

وقد تمتلك محلاً تجارياً كنت تظنه ضمان العمر،  تكتشف لاحقا  أن السوق نفسه تغيّر:

 – توزيع سكاني جديد

 – طرق جديدة حوّلت حركة الناس 

– أو ببساطة… أن الحياة انتقلت إلى مكان آخر  وهنا تظهر الحقيقة العميقة: المكان ليس أصلًا ثابتًا… بل ظرفًا زمنيًا قد ينتهي. 

 والأخطر أن بعض الناس يظلون متمسكين بمواقعهم القديمة بدافع العاطفة أو الخوف، بينما العالم من حولهم  يشهد تحولات كبيرة في ظل تطور التكنلوجيا .

 لكن الثبات اليوم لا يعني القوة… بل يعني خسارة صامتة. 

 فالذي يبقى ليس العقار ولا الشارع ولا لافتة المحل… الذي يبقى هو الإنسان القادر على التكيف، على التحرك، على رؤية التغيير قبل أن يفرض نفسه بقسوة.  

والحكمة الكبرى في هذا العصر هي: أن النجاح ليس عنواناً جغرافياً، وأن الرزق ليس مرتبطاً بموقع واحد، وأن الاستقرار الحقيقي ليس في جدران المكان…

 بل في مرونتك وبصيرتك وقدرتك على فهم  ما يجري من تطورات بالنواحي الاقتصادية والتجارية وثورة تكنلوجيا المعلومات.

واهم من يعتقد ان الاماكن التي كانت تعتبر مراكز تسوق في السنوات السابقة ستبقى كما هي .

 فالامكان لا يتورَّث…

 لكن الوعي الذي يحميك من خسارته هو وحده الذي يستحق أن تورّثه.