الانسحاب مقابل السلام... لعبة الشروط المتبادلة في الجنوب السوري - المصدر 24

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الانسحاب مقابل السلام... لعبة الشروط المتبادلة في الجنوب السوري - المصدر 24, اليوم الأربعاء 19 نوفمبر 2025 06:35 صباحاً

المصدر 24 - لم تعد المفاوضات بين دمشق وتل أبيب مساراً هامشياً أو سرياً، إنما تحوّلت في الأشهر الماضية إلى عملية سياسية معلنة، تتأرجح بين اختراقات مفاجئة وارتدادات تعيدها إلى نقطة الصفر. إعلان هيئة البث الإسرائيلية "كان" عن وصول هذه المفاوضات إلى "طريق مسدود" جاء في لحظة ازدحام بالضغوط المتناقضة: حديث المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توم براك عن إطار ثلاثي أميركي – تركي – سوري، والتحركات الروسية جنوباً، والتوجّس الإسرائيلي من تغيّر شكل النفوذ حول دمشق.

تقول "كان" إن الخلاف يتمحور على مطلب دمشق انسحاب الجيش الإسرائيلي من جميع النقاط التي سيطر عليها داخل الأراضي السورية بعد 8 كانون الأول/ديسمبر 2024، وهذا شرط تربطه تل أبيب بـ"اتفاق سلام كامل"، لا بمجرد اتفاق أمني. وهذا التسريب لم يصدر من مكتب نتنياهو، بل عبر مصادر للقناة العامة، ما يجعله أقرب إلى رفع سقف تفاوضي منه إلى إعلان رسمي، لكنّ استخدام عبارة "طريق مسدود" زاد التوتر، خصوصاً بعدما تحدّث براك عن اجتماع خامس مرتقب بين الطرفين برعاية واشنطن.

 

لوحة إعلانية في تل أبيب تروج لاتفاقيات إبراهيم، ويظهر فيها الشرع. 26 يونيو 2025. (أ ف ب)

 

السقف السوري
تأتي هذه اللهجة الإسرائيلية المتشددة بعد 10 أيام فقط على زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى واشنطن. في مقابلة مع Fox News، رسم الشرع سقفاً واضحاً: لا انضمام إلى "اتفاقيات أبراهام"، ولا سلام شامل في هذه المرحلة، بل اتفاق أمني يُعيد تفعيل ترتيبات فض الاشتباك لعام 1974، ويضمن انسحاب القوات الإسرائيلية التي توسّعت داخل الجنوب ووقف الغارات، من دون المساس بالموقف السوري من الجولان. بهذا المعنى، يبدو أن تل أبيب تردّ على السقف السوري بتسريب يرفع سقفها المقابل: الانسحاب فقط مقابل سلام كامل.

اللافت أن جغرافيا الخلاف تمنح الموضوع حساسية إضافية. فالنقاط التي توسعت إليها إسرائيل بعد سقوط نظام الأسد تشمل مناطق في ريف دمشق والقنيطرة ودرعا، وصولاً إلى قمة جبل الشيخ، أعلى نقطة استراتيجية في الجبهة. مطالبة دمشق بالعودة إلى ما قبل 8 كانون الأول ليست تفصيلاً رمزياً؛ هي ربط مباشر بمنطقة تعتبرها إسرائيل اليوم جزءاً من أمنها الحيوي. وهذا ما يفسّر خشية تل أبيب من ضغوط أميركية للانسحاب من الجبل، كما نقلت تقارير عربية وإسرائيلية، في وقت ترى واشنطن أن التمسك الإسرائيلي بمكاسب ما بعد سقوط النظام يهدّد فرص الاتفاق الأمني الذي تراهن عليه.

على الضفة الأخرى، تتحرك واشنطن وموسكو كلٌّ وفق حساباته. "رويترز" كشفت عن بحث أميركي لإنشاء وجود عسكري قرب دمشق لدعم أي ترتيبات أمنية في الجنوب، ما يعني رغبة واشنطن في أداء دور "مراقب مباشر" للاتفاق. في المقابل، زار نائب وزير الدفاع الروسي يونس-بيك يفكيروف دمشق، ثم جال وفد روسي – تركي مشترك في نقاط جنوبية بينها القنيطرة. تبدو هذه التحركات محاولة روسية لاستعادة موقعها في معادلة فضّ الاشتباك والحدّ من تمدد الدورين الأميركي والإسرائيلي.

 

توم براك وأحمد الشرع في تركيا. (إ.ب.أ)

توم براك وأحمد الشرع في تركيا. (إ.ب.أ)

 

ما الحجة التالية؟
هذه ليست أول مرة يتعثر فيها المسار. ففي أيلول/سبتمبر الماضي، ومع زيارة الشرع إلى نيويورك، كانت التوقعات مرتفعة بأن الاتفاق الأمني وشيك. لكنّ "رويترز" كشفت لاحقاً أن المفاوضات تعطّلت بسبب طرح تل أبيب في اللحظة الأخيرة شرط فتح "ممر إنساني" إلى السويداء، وهذا مطلب رفضته دمشق بوصفه مسّاً بالسيادة، ما فتح الباب أمام تساؤل: هل كان الممر الإنساني غطاءً لمحاولة تثبيت نفوذ إسرائيلي مباشر داخل الجنوب؟

اليوم، تُعيد رواية "كان" إنتاج المشهد نفسه: مرة يكون التعطيل تحت عنوان "الممر الإنساني إلى السويداء"، ومرة تحت عنوان "الانسحاب مقابل سلام كامل". وفي الخلفية صراع أكبر على شكل الجنوب السوري، من جبل الشيخ إلى حدود القنيطرة، مروراً بدور واشنطن وموسكو وحساسية الوضع الدرزي.

وسط ذلك كله، يبرز سؤال مفتوح: هل إعلان "الطريق المسدود" خطوة تفاوضية إسرائيلية في وجه دمشق، أم في وجه واشنطن قبلها؟ وهل تستخدم تل أبيب الإعلام لرفع التكلفة على الإدارة الأميركية قبل دخولها مرحلة الضغط الحاسم لإنجاز اتفاق أمني تعتبره حجر الأساس في إعادة ترتيب جنوب سوريا؟

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق