نزف المواهب المصرية يتواصل والتجنيس كلمة السرّ - المصدر 24

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
نزف المواهب المصرية يتواصل والتجنيس كلمة السرّ - المصدر 24, اليوم الثلاثاء 18 نوفمبر 2025 09:35 مساءً

المصدر 24 - عندما تتخلى الأوطان عن كنوزها، تسارع الغربة لاحتضانها بكل حفاوة؛ أصبح هذا القول ترجمة فعلية للواقع الذي يعيشه عدد كبير من الرياضيين المصريين الذين قرّروا تمثيل دول أخرى بدلاً من منتخبهم الوطني، نتيجة سنوات طويلة من التجاهل وسوء المعاملة.

ظاهرة تجنيس الرياضيين لم تعد حالات فردية منعزلة، بل أصبحت توجّهاً متزايداً يثير القلق حول مستقبل الرياضة في مصر. تفاقم نزف المواهب يطرح العديد من علامات الاستفهام المتعلقة بأسباب هذه الظاهرة ومبرّراتها، خصوصاً مع التركيز الواضح على الألعاب الفردية.

في رياضات مثل المصارعة، السلاح، التايكواندو، والرماية، يجد اللاعب نفسه منفرداً في مواجهة تحدياته الرياضية، من دون تشجيع جماهيري يعزز روحه أو فريق يسانده في رحلة التحدّي.

وسط هذا المشهد، يصبح توفير الدعم الكامل من المؤسسات الرياضية ضرورة لا يمكن التغاضي عنها؛ فالحلم الرياضي يصطدم بعوائق إدارية ومالية تجعل من الرعاية الطبية الملائمة، التمويل المستدام، وضمان العدالة في التقدير والمكافآت، أموراً شبه مستحيلة، وعندها، يتحوّل الخيار إلى المغادرة نحو دول أخرى تقدّم البيئة المناسبة لتحقيق تلك الطموحات.

بالنظر إلى قدم هذه الظاهرة في تاريخ الرياضة المصرية، فقد شهدت وتيرتها ارتفاعاً واضحاً في الفترة الأخيرة، ولا سيما في الألعاب الفردية التي تفتقر إلى دعم ملائم مقارنة بالألعاب الجماعية مثل كرة القدم.

من بين أبرز الأمثلة، المصارع محمد إبراهيم كيشو الذي اقترب من تمثيل الولايات المتحدة الأميركية بعدما عانى الإهمال من الاتحاد المصري للعبة. وتتواصل القائمة مع طارق عبد السلام، المصارع الذي اضطر لتحمّل تكاليف علاجه بنفسه قبل أن يغادر إلى بلغاريا بحثاً عن مستقبل أفضل، وهناك، حصل عبد السلام على كل ما احتاج إليه وأصبح يمثل الدولة البلقانية بجدارة.

كذلك، قرّر لاعب الاسكواش مروان الشوربجي عام 2023 تمثيل إنكلترا بدلاً من مصر، ليكمل المسيرة التي بدأها شقيقه محمد الشوربجي قبله باختيار مماثل. الأمثلة تستمر مع إبراهيم غانم، بطل المصارعة الذي غادر بعثة مصر في عام 2017 وقرّر تمثيل فرنسا، محرزاً ذهبية بطولة العالم في المصارعة الرومانية باسمها.

 

إبراهيم غانم. (وكالات)

 

الأسباب وراء تجنيس الرياضيين المصريين كثيرة ومتنوّعة، لكن القاسم المشترك بينها هو ضعف المنظومة الرياضية في مصر، سواء من حيث التمويل، التخطيط، أو حتى اهتمام الإعلام... هذه العوامل تُظهر للرياضي أنه لا يحظى بتقدير كافٍ داخل وطنه.

تُعاني الألعاب الفردية تحديداً من نقص الإمكانيات والرعاية المستدامة، ليُترك الرياضيون لمواجهة مصيرهم، إما بالاعتماد على أنفسهم أو على دعم عائلاتهم خلال مراحل حرجة من حياتهم المهنية، ويُسهم غياب الخطط المؤسسية لتطوير المواهب واستمراريتها في إضعاف هذه الرياضات...

بينما تتخلى مصر عن مواهبها الرياضية من دون تدابير جادة للاحتفاظ بها وحمايتها، تُقدّم دول أخرى بيئة رياضية احترافية تتسم بخطط دعم شاملة تشمل التدريب المتقدم، التمويل المستدام، والمكافآت المشجعة، وتوفر تلك الدول برامج مستقبلية تضمن للرياضي حياة كريمة بعد الاعتزال. كل هذه العوامل تجعل فكرة الهجرة بالنسبة إلى العديد من الرياضيين أكثر جاذبية بحثاً عن فرص أفضل لتحقيق أحلامهم وتقدير إنجازاتهم.

قرار تجنيس الرياضيين لا يمكن النظر إليه على أنه مجرّد اختيار فردي، بل هو انعكاس لأزمة أعمق داخل هيكل الرياضة المصرية، ويعيش أبطال كثيرون لهذه الألعاب الفردية بصمت بعيداً من الأنظار وهم يواجهون خيبة الأمل وحدهم؛ فعندما يجد الرياضي أنّ طموحاته تختنق داخل حدود بلاده، تصبح الوطنية بالنسبة إليه هي تلك الأرض التي تمنحه القدر الكافي من الدعم لتحقيق أحلامه.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق