المصدر 24 - في عالم البحار والغابات الساحلية، تبدو فكرة أن الأسماك يمكنها السير على الأرض مستحيلة، إلا أن الواقع يفاجئنا بعكس ذلك تمامًا. هناك أسماك قادرة على العيش خارج الماء، والتحرك على اليابسة بطرق مذهلة تجعلها أحد أغرب الكائنات على وجه الأرض.

هذه الأسماك البرمائية تمثل حلقة فريدة بين عالم الماء وعالم اليابسة، حيث يمكنها البقاء على الأرض لفترات طويلة، والتنقل عبر الطين والشواطئ، بحثًا عن الطعام أو الهروب من المفترسين، أو الوصول إلى أماكن جديدة لتتكاثر فيها.

أغرب الأسماك

نطاط الطين: ملك المشي على الأرض

يُعد نطاط الطين أشهر الأسماك التي تمشي على الأرض. يعيش في مستنقعات الطين وعلى سواحل المد والجزر، خاصة بين أشجار المانغروف.
يمتاز هذا النوع بزعنفة صدرية قوية، يشبه استخدامها الأذرع، تمكنه من الدفع على الأرض والتحرك بشكل يشبه الزحف أو القفز. كما يمتلك عيونًا بارزة على رأسه، تساعده على مراقبة محيطه أثناء تواجده على اليابسة، ويستطيع تنفس الأكسجين عبر خياشيمه وجلد رطب، ما يتيح له البقاء خارج الماء لساعات طويلة.

يحفّر نطاط الطين جحورًا في الطين لوضع بيضه، ويستخدم الماء المخزن في فمه للحفاظ على البيض رطبًا، بينما يزحف على الأرض بحثًا عن الطعام، أو للتفاعل مع أفراد نوعه في منافسات على الإقليم.

هناك عدة أنواع شهيرة من نطاط الطين، منها النطاط الشريطي، العملاق، والأطلسي، وكل نوع يمتلك تكيّفات خاصة تساعده على التكيف مع بيئته الطينية والحفاظ على حياته على اليابسة.

قط المشاء: الزحف بين الأحواض

إلى جانب نطاط الطين، يوجد نوع آخر من الأسماك يمشي على الأرض: قط المشاء. يعيش هذا النوع في المياه العذبة مثل المستنقعات والأحواض المؤقتة.
يمتاز القط المشاء بقدرته على الزحف عبر اليابسة عن طريق التلوّي بجسده، مع استخدام زعانفه الصدرية، في حركة تشبه حركة الثعبان، ما يمكنه من الانتقال بسرعة بين مناطق الماء المختلفة عند جفاف الأحواض أو البحيرات المؤقتة.

هذه القدرات تمنح قط المشاء ميزة البقاء على قيد الحياة في بيئات متقلبة، وتمكنه من الوصول إلى مصادر غذائية جديدة دون الاعتماد الكامل على الماء.

أسماك أخرى تمشي على الأرض

ليست نطاط الطين وقط المشاء الوحيدان، فهناك أنواع أخرى من الأسماك قادرة على التحرك على اليابسة:

بعض أسماك الكهوف تستخدم عضلات قوية وزعانفها للتزحلق أو الزحف في تيارات المياه الضحلة.

هناك أسماك القرش الأبواري التي تزحف على الصخور عند انخفاض مستوى الماء في مناطق المد والجزر الصخرية، مستخدمة زعانفها القوية للتمسك بالصخور والتحرك عليها.

تكيّفات مذهلة للبقاء

تتميز هذه الأسماك بعدة تكيّفات فريدة:

التنفس خارج الماء: من خلال خياشيمها أو الجلد الرطب، تمتص الأكسجين مباشرة من الهواء. الحركة على اليابسة: استخدام الزعانف كأذرع أو التلوّي بجسمها، ما يمكنها من المشي أو الزحف على الطين. حماية البيض: من خلال حفر الجحور وتخزين الماء للحفاظ على الرطوبة. مراقبة المحيط: العيون البارزة تساعدها على الانتباه للأخطار أثناء وجودها خارج الماء.

هذه القدرات تجعلها قادرة على العيش في بيئات قاسية، والنجاة من الجفاف أو المفترسين، والوصول إلى مناطق جديدة لتكاثرها، ما يضمن استمرار نوعها رغم صعوبة الظروف.

التحديات التي تواجهها الأسماك

رغم قدراتها الخارقة، تواجه هذه الأسماك العديد من التحديات:

الجفاف الذي يهدد حياتها عند انخفاض مستوى الماء. التلوث في المستنقعات والشواطئ، مما يقلل من جودة بيئتها. فقدان المواطن الطبيعية نتيجة إزالة أشجار المانغروف وتغير المناخ. الصيد الجائر أحيانًا لأغراض غذائية أو تجارية.

حماية هذه الأسماك تستلزم الحفاظ على بيئاتها الطبيعية ومراقبة تأثير النشاط البشري عليها، لضمان استمرار هذه الظواهر الفريدة التي تدهش العلماء والزوار على حد سواء.