نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
أكبر حشرة في العالم وزنها نصف كيلوجرام… حقيقة أم مبالغة علمية؟ - المصدر 24, اليوم الاثنين 17 نوفمبر 2025 03:15 مساءً
المصدر 24 - في زمن تتسارع فيه الاكتشافات العلمية، وتتكشف لنا يومًا بعد يوم أسرار المخلوقات الصغيرة والكبيرة على حد سواء، يواصل عالم الحشرات إثارة دهشة القرّاء بما يقدّمه من غرائب لا تُصدَّق. وبين آلاف الأنواع التي جرى توثيقها، تظهر إلى السطح حكاية مخلوق يثير الخيال ويستفز الفضول: حشرة يصل وزنها إلى نصف كيلوجرام، وهو رقم يكاد يكون خياليًا بالنسبة لكائن يُصنَّف ضمن أصغر المجموعات الحيوانية على وجه الأرض. فهل وُجدت فعلًا حشرة يبلغ حجمها حجم دجاجة صغيرة؟ وكيف عاشت؟ ولماذا لم يعد لها وجود اليوم؟
أكبر حشرة عرفها التاريخ
ما حقيقة وجود حشرة وزنها نصف كيلوجرام؟
عند الحديث عن الحشرات الأكبر حجمًا اليوم، فإن معظم الأنواع لا يتجاوز وزنها بضع عشرات من الغرامات، مثل الوتا (Weta) من نيوزيلندا التي يصل وزنها أحيانًا إلى 70–80 غرامًا فقط، وهي من أثقل الحشرات المعروفة في العصر الحديث. ومع ذلك، يتداول البعض وجود “حشرة” تاريخية يصل وزنها إلى نصف كيلوجرام أو أكثر، مما يفتح الباب أمام التساؤل: هل هي حشرة حقيقية أم مجرد مبالغة؟
ما يكشفه العلم هو أنّ هذا الكائن لم يكن حشرة بالمعنى الضيق للكلمة، لكنه مفصلي عملاق عاش قبل مئات ملايين السنين، ويُعرف باسم:
Arthropleura – أرثروبلوراوهو مخلوق يشبه الألفية (millipede) أكثر من الحشرات الحقيقية، لكنه يُعدّ بالنسبة لعلماء الأحياء القديمة أكبر مفصلي عاش فوق اليابسة، وكان حجمه مدهشًا لدرجة أن علماء الأحياء كثيرًا ما يصفونه شعبيًا بـ “أكبر حشرة في التاريخ” لسهولة تقريب الصورة للقارئ.
ورغم أن بعض التقديرات تشير إلى وزن يصل إلى 50 كيلوجرامًا في أكبر العينات المكتشفة، فإن بعض الأفراد الصغيرة والمتوسطة قدّر العلماء وزنها بنحو نصف كيلوجرام إلى عدة كيلوغرامات، مما يجعل هذه القيمة منطقية عند الحديث عن أفراد غير مكتملة النمو.
عاشت Arthropleura قبل نحو 300 إلى 340 مليون سنة، في فترة تُسمّى العصر الكربوني (Carboniferous)، وهي فترة تميّزت بعوامل بيئية غير مسبوقة:
ارتفاع نسبة الأكسجين في الغلاف الجوي انتشار الغابات البدائية الضخمة وفرة النباتات الرطبة المتحللة قلة الحيوانات المفترسة البرّية الكبيرةهذه الظروف مجتمعة سمحت لكائنات صغيرة عادة، مثل المفصليات، بالنمو إلى أحجام عملاقة لا يمكن أن نراها اليوم، بما في ذلك أرثروبلورا التي وصلت أطوالها إلى 2.5 متر في بعض العينات.
شكل الحشرة العملاقة… كيف يبدو كائن بهذا الحجم؟
وُصفت أرثروبلورا بأنها واحدة من أكثر الكائنات المرعبة والمهيبة في الأرض القديمة. ويستند العلماء في ذلك إلى الحفريات والاكتشافات التي تحدث بين الحين والآخر على سواحل بريطانيا والولايات المتحدة.
مواصفات الشكل:
الطول: بين 1.5 و 2.7 متر. الوزن: بين 0.5 و 50 كيلوجرامًا حسب العمر والحجم. عدد الأرجل: من 30 إلى 60 زوجًا تقريبًا. الجسم: مقسم إلى شرائح صلبة عريضة تشكّل درعًا طبيعيًا. الرأس: صغيرة نسبيًا، تحمل زوجًا قصيرًا من قرون الاستشعار. الفكّان: معدّان لطحن النباتات، وليس للافتراس.ورغم ضخامة حجمها، لم يمتلك هذا المخلوق أسنانًا حادة أو فكوكًا قوية لمهاجمة الآخرين، بل كان كائنًا عاشبًا مسالمًا يتغذى على الأوراق المتساقطة والنباتات الرطبة.
كيف استطاعت حشرة أن تنمو إلى هذا الحجم؟
يعتمد نمو المفصليات (ومنها الحشرات) على عامل مهم: نسبة الأكسجين في الهواء. فالحشرات لا تمتلك رئتين، بل تنفّس عبر فتحات دقيقة تسمى القصبات الهوائية (Tracheae)، وكلما زادت نسبة الأكسجين في الجو، تمكنت المفصليات من النمو أكثر.
وعندما كانت Arthropleura تعيش:
كانت نسبة الأكسجين في الهواء تصل إلى 35% بينما اليوم لا تزيد عن 21% وهذه الزيادة الضخمة في الأكسجين سمحت للحشرات القديمة والمفصليات بالوصول إلى أحجام لا يمكن تكرارها اليوم.
أين تم اكتشاف بقايا Arthropleura؟
عُثر على حفرياتها في أكثر من موقع، أبرزها:
شاطئ Howick Bay في بريطانيا غابات قديمة متحجرة في ألمانيا ولايات أوهايو وبنسلفانيا في الولايات المتحدةغالبية ما وُجد هو أجزاء من الهيكل الخارجي أو آثار الأقدام، وليس الجسم الكامل، لأن الهيكل كان يتحلّل بسرعة بعد موت الكائن ومع ذلك، عام 2021 عُثر في بريطانيا على إحدى أهم الحفريات على الإطلاق، وكانت عبارة عن جزء محفوظ من صدر أرثروبلورا، مكّن العلماء من إعادة تقدير حجمها بدقة مذهلة.
ماذا كانت تأكل؟ وهل كانت خطيرة على البشر لو عاشت في عصرنا؟
غذاؤها:
أوراق النباتات اللحاء الرطب المواد العضوية المتحللة جذور النباتات الصغيرةلم تكن مفترسة، ولا تملك القدرة الجسدية لافتراس كائنات كبيرة. وعلى الرغم من أنها تبدو مخيفة، فإنها كانت كائنًا عملاقًا ناعمًا مثل أغلب الألفيات الحديثة، بالنسبة للبشر: لو عاشت في عصرنا، فلن تتمكن من إيذاء أحد، لكنها بالتأكيد كانت ستثير الذعر بسبب حجمها الذي يتجاوز حجم كلب متوسط!
كيف اختفت من الأرض؟
اختفاء Arthropleura من أعظم ألغاز الحفريات، لكن العلماء وضعوا عدة تفسيرات قوية:
1. انخفاض نسبة الأكسجين
عندما تراجعت نسبة الأكسجين من 35% إلى أقل من 25%، لم يعد ممكنًا للمفصليات الضخمة البقاء على قيد الحياة.
2. تغيّر المناخ والجفاف
العصر الكربوني كان مبللاً ورطبًا، فلما تغيّرت المناخات نحو الجفاف، قلّت النباتات الرطبة التي كانت غذاءها الأساسي.
3. ظهور مفترسات جديدة
مع تطور الزواحف الأولى، ظهرت كائنات أكثر رشاقة وسرعة، ربما جعلتها أقل قدرة على البقاء.
4. تقلص الغابات
الحرائق الطبيعيّة والعوامل الجيولوجيّة دمّرت جزءًا كبيرًا من غابات العصر الكربوني التي كانت ملاذًا لها.
لماذا يُطلق البعض عليها أكبر حشرة في العالم رغم أنها ليست حشرة؟
لأنها بالنسبة للعامة تشبه الحشرات من حيث الحجم والشكل الخارجي وعدد الأرجل والطبقات الصدفيّة، ولأنها أكبر مفصلية أرضية عرفها التاريخ. أما علميًا فهي تنتمي لفئة Myriapoda وليس Insecta، أي أنها أقرب إلى الألفيات والعقارب الألفية.
ومع ذلك، يبقى وصفها بـ “أكبر حشرة في العالم قد يصل وزنها إلى نصف كيلوغرام أو أكثر” صياغة مقبولة في السياق الإعلامي لوصف ضخامتها مقارنة بالحشرات اليوم.
ماذا تعلّم العلماء من دراسة هذه المخلوقات العملاقة؟
فهم بيئة الأرض القديمة
تساعدنا حفرية واحدة من هذا الكائن على تصور الغابات البدائية، والمناخ الرطب، وتوازن الأكسجين.
دراسة تطور المفصليات
تربط Arthropleura بين مفصليات الماضي العملاقة والمخلوقات الصغيرة اليوم، لتكشف كيف تغيّر شكل الحياة تدريجيًا.
رصد تأثير تغيّر المناخ عبر العصور
اختفاء هذه الكائنات مثال واضح على تأثير المناخ على التنوع البيولوجي.
الإلهام العلمي والفني
شكل الحشرة العملاقة مصدر إلهام لمصممي الأفلام والألعاب التي تستوحي كائناتها من عصور ما قبل التاريخ.

















0 تعليق