المصدر 24 - تكشفت في الأسابيع الأخيرة معلومات جديدة حول مؤسسة تُعرف باسم "المجد أوروبا"، يُشتبه في أنها تلعب دوراً في تسهيل تهجير سكان قطاع غزة عبر آليات توصف بأنها "إنسانية"، بينما تشير التحقيقات الإعلامية إلى أنها واجهة لمخطط منظم لنقل فلسطينيين إلى دول بعيدة مقابل مبالغ مالية كبيرة.

وتؤكد تقارير إعلامية أن المؤسسة لا تمتلك مقراً فعلياً، وتعتمد على حضور إلكتروني فقط، في ظل شبهات حول ارتباط أحد العاملين الرئيسيين فيها بجنسية إسرائيلية، ما يثير تساؤلات واسعة حول طبيعة نشاطها الحقيقية.

وتزعم المؤسسة أنها تقدم خدمات "مساعدة إنسانية" وإعادة توطين لفلسطينيين في دول آسيوية، غير أن المصادر تشير إلى أنها تعمل فعلياً على نقل مئات الفلسطينيين عبر رحلات مشبوهة إلى دول مثل جنوب إفريقيا مقابل رسوم تتراوح بين 1500 و2700 دولار للفرد، ضمن ما يوصف بمخطط "التهجير الناعم" للقطاع، باستخدام خطاب إنساني لتجميل عمليات الإخلاء القسري.

كشْفٌ من "هآرتس": جمعية بإدارة إسرائيلية- إستونية

وفي تحقيق موسع نشرته صحيفة "هآرتس" العبرية، الأحد، تبيّن أن الجهة التي نظمت الرحلات الأخيرة التي غادرت قطاع غزة عبر مطار رامون هي جمعية يديرها شخص يحمل جنسية مزدوجة إسرائيلية- إستونية.

وذكرت الصحيفة أن الجمعية ليست سوى واجهة لشركة استشارات مسجلة في إستونيا تُدعى "Talent Globus"، أسسها عام 2023 شخص يدعى تومر يانار ليند، الذي ظهر اسمه أيضاً في سجلات الشركات البريطانية، ويحمل جنسيتين إسرائيلية وإستونية.

وبحسب التحقيق، تفرض الجمعية على الفلسطينيين دفع حوالى 2000 دولار مقابل حجز مقعد في رحلات طيران مستأجرة تتوجه إلى دول مثل إندونيسيا وماليزيا وجنوب إفريقيا.

رحلات من مطار رامون.. وتنظيم شبه مُحكم

وأشارت الصحيفة إلى أن عدة رحلات غادرت خلال الأشهر الأخيرة من مطار رامون قرب إيلات، وعلى متنها مجموعات من الفلسطينيين، في مؤشر على وجود مسار منظم، وليس حالات فردية.

وتعرض الجمعية عبر موقعها الإلكتروني استمارة لتسجيل الفلسطينيين الراغبين في المغادرة. وبعد الموافقة الأولية، تُرسل تعليمات لتحويل الأموال ثم يُضم المرشحون إلى مجموعة "واتس آب" تتواصل عبرها الجهة المنظمة معهم باستخدام رقم هاتفي يبدو إسرائيلياً.

وتكشف الصحيفة أن أول مجموعة من 57 فلسطينياً غادرت القطاع في 27 مايو، حيث نُقلوا بحافلات عبر معبر كرم أبو سالم، ثم أقلعت بهم طائرة رومانية مستأجرة إلى بودابست، ومنها إلى إندونيسيا وماليزيا. أما المجموعة الثانية، المؤلفة من 150 فلسطينياً، فغادرت في 27 أكتوبر إلى نيروبي ومنها إلى جوهانسبورغ.

غياب الهوية الحقيقية للمؤسسة

الموقع الإلكتروني لـ"المجد أوروبا" يفتقر لبيانات اتصال، ولا يظهر أي معلومات عن إدارتها أو شركائها، رغم ادعائها العمل مع 15 هيئة دولية. كما أن روابط صفحاتها على مواقع التواصل لا تقود إلى أي حسابات حقيقية.

وتتضمن نسخة قديمة من الموقع شعار شركة "Talent Globus"، وهي الشركة التي يتضح أنها المشغّل الفعلي لعمليات "الهجرة الطوعية".

انتقادات وتحذيرات حقوقية

التحقيقات أثارت مخاوف منظمات حقوق الإنسان التي حذرت من أن هذه العمليات قد تكون جزءاً من مسعى إسرائيلي لتهجير الفلسطينيين من القطاع، في وقت أشارت فيه تقارير إعلامية إلى أن إسرائيل نسقت هذه الأنشطة عبر منسق أعمال الحكومة في المناطق الفلسطينية، بعد الحصول على إذن من دول ثالثة لاستقبال الفلسطينيين.

ونقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن مسؤول عسكري إسرائيلي أن إسرائيل رافقت الحافلات التي نقلت الفلسطينيين من داخل القطاع وصولاً إلى مطار رامون، مؤكدة أن العملية كانت تتم بسرية شديدة.

تهجير متواصل منذ الحرب

ووفق الصحيفة، غادر ما يقرب من 40 ألف فلسطيني القطاع منذ بدء الحرب في أكتوبر 2023، فيما تتحدث جهات إسرائيلية رسمية عن "خيارات للهجرة" سبق أن طُرحت على دول مثل جنوب السودان.

وتأتي هذه التطورات في سياق أزمة إنسانية خانقة يشهدها قطاع غزة، وسط استمرار الحرب وتضييق الخناق على السكان، وتصاعد المحاولات المباشرة وغير المباشرة لدفع الفلسطينيين إلى مغادرة أراضيهم.

للمزيد تابع

خليجيون نيوز على: فيسبوك | إكس | يوتيوب | إنستغرام | تيك توك