نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
المتحف المصري الكبير.. نموذج رائد للسياحة المستدامة - المصدر 24, اليوم الجمعة 14 نوفمبر 2025 10:15 صباحاً
المصدر 24 - فى خطوة تاريخية نحو تحقيق التوازن بين الحفاظ على التراث الثقافى وحماية البيئة، يبرز المتحف المصرى الكبير كنموذج استثنائى للسياحة البيئية المستدامة، حيث راعى مصمموه منذ البداية الأبعاد الثلاثة للتنمية المستدامة: البيئية والاجتماعية والاقتصادية.
يوضح الدكتور عبد الله الحضرى، المرشد السياحى، أن التصميم المعمارى للمتحف لم يكن مجرد بناء يضم كنوز الحضارة المصرية، بل كان استراتيجية بيئية متكاملة تهدف إلى خلق نموذج رائد للسياحة المستدامة فى المنطقة، حيث صُمم مجمع المتحف المصرى الكبير بناءً على مراعاة شاملة للعوامل المناخية المحلية، حيث تستهدف الاستراتيجية المتبعة تقليل استهلاك الطاقة والمياه، وتحسين جودة الهواء المحيط عن طريق إنشاء مساحات خضراء واسعة وفناءات مفتوحة حول المبنى. هذه المساحات تعمل كحاجز طبيعى ضد الغبار والحرارة، كما تم استخدام مظلات وظلال معمارية تقلل من الحمل الحرارى الذى قد يتعرض له المتحف.
إضاءة ذكية تحافظ على البيئة
ويشير الحضرى، إلى أن المتحف من حيث التصميم راعى هذا الاتجاه البيئى من أجل دعم التنمية المستدامة، مما يجعله رائدًا فى مجال السياحة البيئية المستدامة على المستوى الإقليمى والدولى، موضحا أنه فى إطار التزامه بمبادئ السياحة البيئية المستدامة، يعتمد المتحف المصرى الكبير على أنظمة إضاءة LED منخفضة الاستهلاك، وقد أوكلت مهمة تصميم نظام الإضاءة إلى شركة متخصصة بالمنسا فى الإضاءة، والتى كانت مسؤولة عن وضع نظام الإضاءة داخل المتحف لخفض الاستهلاك وفى نفس الوقت ضمان طرق عرض ذكية فى إظهار القطع الأثرية.
وأضاف: لم تقتصر الاستدامة البيئية على الإضاءة فحسب، بل شملت أيضاا عمليات التكييف واستراتيجيات التهوية الطبيعية المدعومة بتقنيات متطورة، مع استخدام للألواح الشمسية لإنتاج طاقة وتكامل مصادر الطاقة المتجددة الجزئية لتقليل الاعتماد على الكهرباء التقليدية، مما يعزز من دور المتحف كنموذج للسياحة المستدامة.
تقنيات حديثة لترشيد استهلاك المياه
ومن ضمن الأبعاد المهمة للتنمية المستدامة الحفاظ على الموارد المائية وتقليل استخدامها، ويبين الدكتور الحضرى أنه عند دخول الحمامات فى المتحف المصرى، ستلاحظ أن الحنفيات تعمل بنظام آلى، حيث تنزل المياه عند وضع اليد تحتها وتتوقف عند رفعها، وهذا يقلل بشكل كبير من استهلاك المياه ويرشد استخدامها فى مرافق المتحف.
ولا يقتصر نظام ترشيد استهلاك المياه على الزوار فقط، بل يمتد إلى نظام رى خاص تم تصميمه لترشيد استخدام المياه فى عملية رى البساتين والمساحات الخضراء المحيطة بالمتحف المصرى، كما تم تركيب الصنابير والمرافق الصحية ذات الاستهلاك المنخفض، مع إعطاء الأولوية دائمًا لتقليل استخدام المياه، علاوة على ذلك، أولى المتحف أهمية كبيرة لاستخدام مواد بناء محلية ومستدامة، مما يقلل من البصمة الكربونية للمشروع ويدعم الاقتصاد المحلي.
الاستدامة الثقافية والاجتماعية
وتشمل الاستدامة فى المتحف المصرى استراتيجيات اجتماعية هامة، مثل: إشراك المجتمعات المحلية عبر برامج توظيفية وتدريبية وتعليمية، والمساهمة فى تحسين جودة الحياة فى المنطقة المحيطة بالمتحف، ويؤكد الدكتور الحضرى أن هذا التأثير الإيجابى سيظهر تدريجيًا مع مرور الوقت، حيث من المتوقع أن يتم تطوير المنطقة المحيطة بالمتحف بالكامل لتواكب التطور الذى حدث بعد افتتاحه، مما يخلق بيئة سياحية مستدامة تستفيد منها المجتمعات المحلية.
ولفت إلى أنه فى إطار الحفاظ على الثقافة المحلية والتراث الأثرى، وهو من أهم أبعاد السياحة المستدامة، يستخدم المتحف المصرى أدوات رقمية متقدمة لعرض المقتنيات، مثل عروض الواقع الافتراضى ومحطات تفاعلية باللمس وتطبيقات إرشادية رقمية متعددة اللغات، كما يتمتع المتحف المصرى بوجود مختبرات متطورة للحفظ والترميم، مجهزة بأحدث الأجهزة التحليلية، وتقنيات التحكم بمستويات الحرارة والرطوبة، وأنظمة الطوارئ للحماية من المخاطر البيئية والحريق وأى تغيرات قد تؤثر على الآثار.
عروض رقمية لقطع غير موجودة
وصُممت مسارات المتحف بشكل يراعى السرد التاريخى والتربوى، بحيث يكون هناك مسار ثابت للوصول إلى القطع الأثرية بترتيب معين، وهذا يقلل من الوقت الفاقد خلال الزيارة ويحسن من تجربة الزائر، مما يدعم مفهوم السياحة المستدامة.
وتتعدد وسائط السرد القصصى وترتبط بعمليات تعليمية، مثل العرض الرقمى لمقبرة خنوم حتب الموجودة فى المنيا، ورحلة بلاد بونت التى أرسلتها الملكة حتشبسوت إلى الصومال، والخرائط التفاعلية للأماكن الأثرية فى مصر، كل هذه العناصر الرقمية تعرض محتوى غير موجود فعليًا فى المتحف، لكنها تقدم تجربة شاملة تثرى الزيارة.
وأُخذ فى الاعتبار أيضًا تصميم مرافق تسهل وصول ذوى الإعاقة والمجموعات العمرية المختلفة مثل كبار السن، مع توفير محتوى تعليمى وتفسيرى سهل للجمهور، ومن هنا يمكن القول إن المتحف المصرى حقق بالفعل دور التنمية المستدامة والسياحة البيئية المستدامة بشكل متكامل.
تعزيز السياحة الثقافية وخلق فرص العمل
أكد الدكتور عبدالله الحضرى، أن للمتحف المصرى أهداف اقتصادية كبيرة جدًا، منها تعزيز السياحة الثقافية، وخلق فرص عمل واستثمار، وأبعاد للتنمية المحلية والإقليمية، فكونه نقطة جذب رئيسية، فإنه يسرع من تطوير البنية التحتية المحيطة، مثل الطرق والمطارات والمرافق السياحية.
بالإضافة إلى المؤشرات المالية والاقتصادية المتوقعة لزيادة عدد السائحين وزيادة الدخل، فإن المتحف يدعم القطاعين العام والخاص ويساعد على تطوير المنطقة بالكامل، ومن هنا يمكن القول إن المتحف المصرى راعى الأبعاد الثلاثة - البيئية والاجتماعية والاقتصادية - فى التنمية المستدامة والسياحة البيئية المستدامة بشكل متوازن.
متحف الطفل وقاعات المؤتمرات
يوجد بالمتحف المصرى العديد من المرافق الترفيهية والتعليمية، مع التركيز على المرافق التعليمية مثل متحف الطفل، وقاعات المؤتمرات، وقاعات المحاضرات، يضم المتحف ملحقات كثيرة من الأبنية الخاصة بالعملية التعليمية والتثقيفية، مثل صالات المؤتمرات، والقاعات التعليمية، ومتحف الطفل، والمكتبة الأثرية، يمكن لهذه المرافق أن تخلق تعاونًا بين المتحف والجامعات، خاصة كليات الآثار وكليات السياحة والفنادق والمدارس الموجودة فى كل مكان. يمكن تنظيم ورش عمل وبرامج تعليمية حول التاريخ والفنون، بل والحرف التقليدية مثل الزجاج والفخار والنسيج.
يمكن إنشاء مراكز لتعليم هذه الحرف بالطريقة التى أنجز بها المصرى القديم هذه المنتجات، وإنتاج نسخ من هذه المنتجات للبيع، وبالتالى سيتم تنظيم معارض مؤقتة من المقتنيات المقلدة أو الريبليكا للمعروضات الموجودة فى المتحف، ويتم بيع هذه المنتجات، مما يخلق دخلًا مستدامًا يدعم المجتمعات المحلية.
وتابع: كما يمكن أيضًا أن يكون هناك تعاون بين المتاحف العالمية والمتحف المصرى فى عمليات ترميم الآثار وتوثيقها ونقل القطع الأثرية، والاستفادة من خبرة مصر فى نقل التماثيل الكبرى، معمل الترميم يلعب دورًا مهمًا جدًا فى البحث العلمى والحفاظ على القطع الأثرية، مما يعزز من مكانة مصر كمركز عالمى للسياحة المستدامة.
وذكر أنه لأول مرة يتم استخدام التكنولوجيا والتجربة الرقمية بهذا الشكل فى أحد المتاحف الكبرى، حيث كانت التكنولوجيا والتطوير والتجربة الرقمية فى المتحف المصرى كانت شيئًا مهمًا جدًا ولافتًا للنظر، لافتا إلى أنه يمكن توفير تجربة تفاعلية عبر الإنترنت من خلال موقع إلكترونى للمتحف المصرى، حيث يستطيع الناس فى أى مكان فى العالم الدخول عليه ومشاهدة شرح لبعض القطع الأثرية أو القيام بجولة مختصرة داخل المتحف. يضم الموقع العديد من المعلومات عن المتحف وأنشطته وشراكاته والفعاليات التى يقدمها.
تقنيات العرض الحديثة
ويشير الدكتور الحضرى، إلى أن المتحف المصرى الكبير يستخدم تقنيات العرض ثلاثية الأبعاد والواقع الافتراضى، وكل ذلك يمكن استخدامه كتقنيات حديثة لعرض الآثار داخل المتحف، كما يمكن عمل تطبيقات على الهواتف الذكية لتعزيز تجربة الزيارة، مثل تطبيق "The Egyptian GEM"، يكون خاصًا بالمتحف المصرى، ويمكن لأى شخص يفتحه على الهاتف أن يجد عرضًا وشرحًا لعشرين قطعة أثرية بطريقة رقمية، كمنصة للعرض الرقمي.
وقال إنه بعد الافتتاح والاحتفال، يجب أن يُستخدم المتحف المصرى كمنصة ثقافية دبلوماسية لتعزيز التعاون الدولى، حيث يمكن استخدامه لاستقبال الوفود والقادة رفيعى المستوى لتعزيز العلاقات الثنائية، سواء كانوا قادمين إلى مصر بغرض التباحث السياسى أو التفاهم الاقتصادى أو التعزيز الثقافى، كما يمكن للمتحف المصرى، بالتعاون مع المتاحف الأخرى والمؤسسات البحثية، بناء شبكة دولية تعمل فى مجالات حفظ التراث وإدارة المتاحف وتعزيز البحث العلمي. هذا من ضمن الأدوار القادمة التى يجب أن يقوم بها المتحف المصرى لدعم السياحة المستدامة عالميًا.
وأكد أهمية أن يكون للمتحف المصرى دور فى استهداف الأسواق الإقليمية، واستخدام المتحف فى إقامة فعاليات دولية، مثل مهرجان سنوى للتراث والحضارة يربط المتحف بأى مناسبة عالمية أو بأى اكتشاف كبير داخل مصر، قائلا: يمكن اختيار أى مناسبة مهمة مثل اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون، أو اكتشاف مقابر الملوك فى تانيس، أو اكتشاف مومياوات الملوك عام 1898 فى وادى الملوك من قبل الفرنسى فيكتور لوريه، كما يمكن اختيار اليوم الذى شهد اكتشافًا كبيرًا وعمل فعالية فى المتحف المصرى، مما يعزز دوره كمنصة ثقافية دبلوماسية تحاول تعزيز العلاقات الثنائية بين الدول والقيام بدور حضارى مهم فى إطار السياحة المستدامة.
ورش الترميم وتاريخ الفنون
يمكن تفعيل دور مركز الترميم كمركز عالمى للبحوث النظرية والعملية فى علوم الآثار وعلم المصريات، خاصة معامل مثل معمل الميكروبيولوجى، يمكن الاستفادة من فهم كيفية تأثير البكتيريا على مواد مثل النسيج والبردى، وأهم عمليات الترميم التى تمت لقطع كادت أن تندثر وتم إعادتها إلى الحياة مرة أخرى، حيتشمل عمليات الترميم أيضًا القطع المصنوعة من الخشب، كونها مواد هشة وسهلة التأثر، يمكن عرض دور التكنولوجيا والتطبيقات الرقمية فى المساعدة فى عمليات الترميم، سواء للأحجار أو الأشياء الزجاجية أو المعادن أو ما شابه ذلك.
واقترح الدكتور عبدالله الحضرى، عمل ورش ترميم وتاريخ فنون داخل المتحف المصرى، والاستفادة من طلبة الفنون الجميلة والفنون التطبيقية، حيث يمكن لطلبة الفنون التطبيقية اقتباس الأفكار للتصاميم الحديثة من خلال الأثاث والحلى الموجودة فى المتحف، بينما يتعلم طلبة الفنون الجميلة كيف كان المصرى القديم فنانًا مبدعا، البدء بمشروع بالتعاون بين المدارس والجامعات المصرية خلال فترة معينة، ودراسة نتائج هذه المشروعات والتعاون لتطويره والبحث عن فرص ومخرجات أخرى فى المستقبل تؤدى إلى التطور فى عملية البحث العلمى والترميم وحفظ الآثار وتوثيقها، هذا يساعد مصر على تقديم حضارتها للعالم بصورة تستحقها، ويعزز من مكانتها كوجهة رائدة فى السياحة البيئية المستدامة.


















0 تعليق