نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
ولي العهد السعودي في البيت الأبيض: الرياض تريد من واشنطن ضمانات أمنية فرضتها المتغيرات الجيو سياسية - المصدر 24, اليوم الجمعة 14 نوفمبر 2025 06:15 صباحاً
المصدر 24 - يرى دبلوماسيون غربيون أن العلاقة الأميركية - السعودية تعرضت لخيبات في مراحل عدة، آخرها مع تداعيات استهداف إسرائيل للعاصمة القطرية الدوحة. وهذا رأي يتفق عليه آخرون من السعودية، يشدّدون على واجب الولايات المتحدة "تأمين الحاجات الأمنية".
لكنهم أجمعوا في حديثهم مع "النهار" على أن العلاقات الثنائية الآن في "وضع أفضل" مما كانت عليه في السنوات الماضية.
والحديث عن العلاقات السعودية – الأميركية، التي تُعدّ من أقدم وأهم العلاقات الثنائية في الشرق الأوسط، لا يمكن اختزالها في سطور قليلة. فهذه العلاقة تمتدّ لأكثر من 80 عاماً، وتشمل الجوانب السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية.
فالبداية تعود إلى عام 1931، حين اعترفت الولايات المتحدة رسمياً بما كان يعرف بمملكة الحجاز ونجد وملحقاتها، والتي أصبحت في عام 1932 المملكة العربية السعودية، بعدما وحدها الملك عبد العزيز آل سعود.
بعد ذلك بعام واحد، منحت السعودية امتياز التنقيب عن النفط لشركة "ستاندرد أويل أوف كاليفورنيا" (سوكال) الأميركية، ما أدى إلى تأسيس شركة "أرامكو" لاحقاً.
غير أن نقطة التحوّل الأساسية في العلاقات الثنائية كانت في 14 شباط/ فبراير 1945، مع اللقاء التاريخي بين الملك عبد العزيز آل سعود والرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت على متن البارجة الأميركية "يو أس أس كوينسي" في قناة السويس، وهو اللقاء الذي وضع أسس الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، وكان أول اتصال مباشر بين مؤسس المملكة العربية السعودية ورئيس أميركي، تم خلاله تفاهم ضمني على أن تحصل الولايات المتحدة على ضمان استقرار إمدادات النفط، فيما تحصل السعودية على ضمانات أمنية ودعم سياسي في مواجهة التهديدات الإقليمية. تُرجم هذا الأمر بإنشاء القاعدة الجوية في الظهران في خمسينيات القرن الماضي. والأهم أن هذا اللقاء مثّل اعترافاً أميركياً بمكانة السعودية كدولة مستقلة وذات سيادة، وبتأثيرها الإقليمي.
الملك عبد العزيز والرئيس فرانكلين روزفلت على متن يو إس إس كوينسي في بحيرة غريت بيتر. (متحف فرانكلين روزفلت الرئاسي)
تم ذلك اللقاء في نهاية الحرب العالمية الثانية، وبعد أيام قليلة عمّا شهده العالم من حدث تاريخي آخر أسس لنظام عالمي جديد، إذ عُقد مؤتمر يالطا بين 4 و11 شباط/ فبراير 1945، وجمع زعماء الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا والاتحاد السوفياتي لتقاسم النفوذ في العالم بعد هزيمة النازية.
ولا بد من الإشارة في هذا الإطار، إلى أن التحالف الأميركي السوفياتي ضد ألمانيا كان موقتاً، وكانت واشنطن قد بدأت تستشرف ملامح الحرب الباردة. وبالتالي، كان روزفلت يبحث عن حلفاء موثوقين في الشرق الأوسط، لاسيما في الجزيرة العربية، لقطع الطريق على أي محاولة سوفياتية لتوسيع النفوذ باتجاه منطقة استراتيجية بدأت تظهر فيها الثروات النفطية.
في المقابل، كان تركيز الملك عبد العزيز منصباً على استقلال بلاده وتأمين مصالحها. واستمرت هذه العلاقة في النمو والتطور رغم محطات شابها اختلاف في وجهات النظر، إلّا أنها لم تفسد في الود قضية.
تنويع الشراكات الاستراتيجية
اليوم، الأمور ليست مغايرة. فقد شهدت العلاقات الثنائية محطات أساسية من الشراكة والتباين. ومن خلال "رؤية 2030"، تتوجه المملكة نحو تنويع اقتصادها بدلاً من الاعتماد على النفط، كذلك بالنسبة إلى شراكاتها الاستراتيجية، إذ وطدّت علاقاتها بالصين والهند، وبروسيا التي تجمعهما مصالح كثيرة، أبرزها "أوبك بلس".
يشير المستشار السابق في وزارة الخارجية السعودية سالم اليامي إلى أن الجميع يدرك أن العامين الأخيرين كانا صعبين على دول المنطقة في مواجهتها تحديات أمنية غير مسبوقة، "وكان هناك أكثر من عدوان إسرائيلي سافر على أكثر من بلد عربي، وبقيت معاناة الشعب الفلسطيني في غزة أبرز محركات العنف والتصعيد في المنطقة".
ويضيف اليامي لـ "النهار": "في الفترة التي تبقت للإدارة الأميركية السابقة، كان ثمة سعي سعودي للتأثير في المواقف الأميركية التي يمكن أن تشكل ضغطاً على الطرف الآخر، وفي الحقيقة كان الوضع صعباً ومعقداً، ولم تبذل الإدارة السابقة ما كان مؤملاً في هذا الصدد. وبقدوم إدارة الرئيس دونالد ترامب، نجحت المملكة إلى حد كبير في دفع الموقف الأميركي ليكون أكثر توازناً وتفهماً للمواقف الفلسطينية والعربية".
في هذا الرأي، يتقاطع اليامي مع السفير الأميركي السابق والاستاذ في جامعة جورج واشنطن غوردن غراي، الذي يعود في الزمن إلى حين "فشلت الولايات المتحدة في القيام بأي عمل بعد استهداف منشآت ‘أرامكو‘ في 2019، وبعد استهداف إسرائيل لقطر، وكلّ ذلك أثّر على العلاقات الثنائية".
ويؤكد غراي من ناحية ثانية أن العلاقات الأميركية – السعودية في ظلّ الإدارة الحالية "أفضل منها في الإدارت السابقة، لا سيما مع إدارة بايدن"، خصوصاً أن الرئيس بايدن "رفض التعامل مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في 2018، ولم يلتقه إلّا في 2022 في جدة بعد الحرب الروسيّة على أوكرانيا"، مشدّداً في حديثه مع "النهار" على أن الأمير محمد بن سلمان سيبحث مع ترامب في المسائل الأمنية، وبينها اتفاق الدفاع المشترك مع باكستان، "ففي السعودية يريدون تنويع شراكاتهم الاستراتيجية لذلك ذهبوا إلى باكستان، ورأينا التضامن بين أعضاء مجلس التعاون الخليجي بعد استهداف قطر، لكن السعودية تعلم أن الولايات المتحدة تبقى في طليعة الشركاء الأمنيين، وباكستان لا تملك قواعد عسكرية في الخليج العربي، ولا القوة الكافية ، كما لا تملك مقعداً دائماً في مجلس الأمن".
الرئيس الأميركي دونالد ترامب والملك السعودي سلمان بن عبد العزيز (أ ف ب)
النووي السعودي
قبل أيام قليلة، التقى وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان بن عبد العزيز في البيت الأبيض وزير الخارجية مستشار الأمن القومي الأميركي المكلف ماركو روبيو، ووزير الحرب بيت هيغسيث، والمبعوث الأميركي الخاص للشرق الأوسط ستيف ويتكوف.
وصف موقع "أكسيوس" الأميركي هذا اللقاء بأنه "مفاوضات مكثفة لوضع اللمسات الأخيرة على مجموعة واسعة من الاتفاقيات، بما في ذلك اتفاقية دفاعية، تشكل ضمانة أمنية أميركية، من دون أن ترقى إلى مستوى معاهدة دفاعية ملزمة قانوناً، إنما ستكون مماثلة للأمر التنفيذي الذي وقعه ترامب في أيلول/سبتمبر الماضي، وتعهد فيه ضمان أمن قطر وسلامة أراضيها، بما في ذلك اتخاذ إجراءات عسكرية، إذا تعرّضت لأي هجوم".
إلى جانب ذلك، تسعى السعودية إلى شراء 48 مقاتلة "أف-"35، في صفقة قطعت شوطاً مهماً داخل البنتاغون، بحسب "رويترز".
وعلى هامش اجتماع وزراء خارجية "مجموعة السبع" في كندا، قال روبيو إن الولايات المتحدة ستوّقع بعض الاتفاقات الجيدة عندما يزور ولي العهد السعودي واشنطن ويلتقي ترامب، مضيفاً: "أشعر بالرضا بشأن ما وصلنا إليه. ثمة أمور تحتاج إلى ضبط، ووضع اللمسات النهائية عليها".
في السابق، كان بين الخلافات عرقلة إدارة بايدن سعي المملكة لتطوير برنامج نووي مدني، مع الحق في تخصيب اليورانيوم محلياً، من خلال فرض قيود صارمة تمنع التخصيب السعودي من دون إذن أميركي.
وفي هذا الشق تحديداً، يؤكد المستشار السابق في الخارجية السعودية أن للمملكة "احتياجات أمنية ملحة فرضتها الظروف التي مرت وتمرّ بها المنطقة، بعبارة أخرى السعودية تسعى لتأمين احتياجاتها الأمنية بما يحقق أمن المملكة ويحفظ مقدساتها وثروتها وشعبها"، مختصراً الأمر في أن المطلوب من الولايات المتحدة "تلبية وتأمين احتياجات السعودية سواء المتعلقة بالجوانب النووية المخصصة للأغراض السلمية أو تلك المتعلقة باحتياجات التنمية والبناء في السعودية... وإذا لم يتمكن الجانب الأميركي من تلبيتها فإن المملكة قد تبحث عن البديل هنا أو هناك، رغم التفضيل السعودي للتعامل مع الحليف والشريك الأمني التقليدي الأميركي".
وهنا، ينوّه السفير غراي بأن أول زيارة لترامب كانت إلى السعودية، ويرى طبيعياً أن تكون المسائل التجارية على جدول البحث خلال زيارة الأمير محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة التي "تريد جذب الاستثمارات السعودية، وكذلك السعودية التي تريد جذب استثمارات أميركية، وإنشاء مفاعل نووي للطاقة السلمية، وهذه الأمور مدار بحث منذ فترة".
مقاتلتان أميركيتان من طراز أف - 35. (أ ف ب)
متغيرات إيجابية
بالعودة إلى مسألة المتغيرات الجيوسياسية التي شهدها الشرق الأوسط، يلفت الدبلوماسي الأميركي المخضرم إلى أن "للمتغيرات الإقليمية تأثير على السعودية، لكن وضع المملكة اليوم أفضل، ودول مجلس التعاون متضامنة أكثر بعد استهداف إسرائيل للدوحة".
علاوةً على ذلك يقول غراي: "واضح أن علاقة السعودية بالرئيس السوري أحمد الشرع أفضل من علاقتهم ببشار الأسد. وإيران باتت أضعف، كما ضعف وكلاؤها في المنطقة".
في المقابل يرد اليامي التباين السابق إلى "الرؤية الشخصية للقيادة الأميركية"، في حين تبدو الآن "العلاقات السعودية الأميركية في أفضل حالاتها"، وإن شهدت بعض التراجع مع بعض الإدارات الديموقراطية السابقة، و"زيارة ولي العهد المرتقبة للولايات المتحدة ولقاء الرئيس الأميركي أحد أقوى المؤشرات على متانة العلاقات الثنائية"، لافتاً إلى المواقف الرسمية السعودية التي كانت "دائماً داعمة ومعززة لعلاقات ممتازة مع الجانب الأميركي، فالتراجع فغالباً ما ينتج من مواقف أميركية غير محسوبة بدقة".
جزء من المتغيرات الأساسية التي فرضتها الحرب على غزة، بروز خلافات عدة بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة، بعضها مرتبط بمعالجة الملف الفلسطيني، وتأكيد الرياض على حلّ الدولتين قبل مسار التطبيع. وأخرى مرتبطة بإصلاح العلاقة الأمنية والاستراتيجية بين البلدين، خصوصاً بعد استهداف إسرائيل لوفد حماس في قطر.
وهذه الحرب، وما رافقها من تدمير وقتل، انعكست على مسار المفاوضات السعودية - الإسرائيلية التي كانت تسير وفق مسار واضح ومعلن، وهذا ما أكده الأمير محمد بن سلمان في مقابلته مع "فوكس نيوز". ويعتقد غراي أن هذه القضية ستكون "محط بحث في لقاء البيت الأبيض، كما سيتم البحث في إعادة الإعمار في غزة وسوريا إضافة إلى الأوضاع في لبنان".
لكنّ مسألة "التطبيع" تصطدم بمواقف رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الرافضة لقيام دولة فلسطينية، في حين أن ولي العهد وضع ذلك شرطاً أساسياً. ويستطرد غراي في هذا السياق قائلاً: "نصيحتي لولي العهد: الأوراق في يدك، فانتظر حتى الانتهاء من الانتخابات الإسرائيلية".
وعن التصعيد في المنطقة، وفي لبنان تحديداً، جنوباً من إسرائيل وشرقاً من سوريا بعد انضمامها إلى التحالف لمحاربة الإرهاب و"داعش"، يقول الدبلوماسي الأميركي لـ "النهار" بنظرة متفائلة نسبياً: "لا أرى أن هذا السيناريو هو الأقرب. فإسرائيل تريد علاقة جيدة مع ترامب. وبعد لقاء ترامب - الشرع لن يكون هناك هجمات إسرائيلية. و’حزب الله‘ اليوم في موقع أضعف. لذلك لا أعتقد أنننا سنشهد تصعيداً كبيراً".











0 تعليق