نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
القانون في عصر الذكاء الاصطناعي: من الرقابة إلى الشراكة - المصدر 24, اليوم الجمعة 14 نوفمبر 2025 02:45 صباحاً
المصدر 24 - ريم كنج*
لم يعد القانون اليوم يقف على ضفةٍ قبالة التكنولوجيا، بل بدأ يعبر الجسر نحوها. فالعالم يشهد تحولاً جذرياً في طبيعة العلاقة بين الإنسان، التقنية، والقواعد القانونية التي تحكمهما. لم يعد دور القانون يقتصر على تنظيم العلاقات التقليدية فحسب، بل بات معنيّاً بتنظيم ما لم يكن يُتصور سابقاً: العقود الذكية، العملات الرقمية، الذكاء الاصطناعي، وحماية البيانات في الفضاء السيبراني.
هذا الاندماج بين القانون والتكنولوجيا لم يأتِ ترفاً فكرياً، بل ضرورة تفرضها سرعة التطور التقني وتزايد مخاطره، فالمشرّع بات أمام تحدٍّ مزدوج أن يواكب الابتكار من دون أن يقيّد حريته، وأن يحمي الحقوق من دون أن يعطّل التقدم. من هنا برزت مفاهيم قانونية جديدة كـ"الهوية الرقمية" و"الجرائم الإلكترونية" و"المسؤولية عن أنظمة الذكاء الاصطناعي"، ما أعاد تعريف العدالة في زمنٍ لم تعد فيه الأفعال تُقاس بالنية فقط، بل بالخوارزمية أيضاً.
![]()
في المقابل، أحدثت التكنولوجيا ثورة في الممارسة القانونية نفسها. فالمحامي لم يعد بحاجة إلى رفوف من الملفات الورقية، بل إلى قاعدة بيانات ذكية تستخرج السوابق القضائية بدقة ثوانٍ. والمحاكم بدأت تعتمد الأنظمة الإلكترونية لإدارة الدعاوى، مما يختصر الوقت ويعزز الشفافية. حتى التحكيم الدولي دخل عصر "التحكيم الإلكتروني" بحيث تُدار الجلسات افتراضياً وتُصدر الأحكام رقمياً.
لكن رغم كل هذا التقدّم، تبقى الحاجة إلى إطار قانوني متوازن تُحترم فيه القيم الإنسانية بقدر ما تُستثمر فيه القدرات التقنية. فالقانون يجب أن يظل "ضمير التطور" لا ضحيته، عليه أن يضع حدوداً لا تعوق الابتكار، بل تحميه من الانحراف.
إن اندماج القانون بالتكنولوجيا ليس نهاية منظومة العدالة، بل يدايتها الجديدة. المستقبل لن يكون قانوناً بلا تكنولوجيا ولا تكنولوجيا بلا قانون، بل تفاعلاً يخلق مجتمعاً أكثر ذكاءاً وإنصافاً.
-المقاربة الواردة لا تعكس بالضرورة رأي مجموعة "النهار" الإعلامية.










0 تعليق