هل يجوز صيام العشر من ذي الحجة قبل القضاء

هل يجوز صيام العشر من ذي الحجة قبل القضاء

صيام العشر من ذي الحجة يُعتبر من الأعمال المستحبة في الإسلام، حيث وردت العديد من الأحاديث النبوية التي تُبيّن فضل هذه الأيام وأهمية العمل الصالح فيها. ومن الأمور التي يحرص عليها المسلمون في هذه الأيام هو الصيام، حيث يُعدّ من أفضل الأعمال الصالحة التي يُمكن القيام بها. لكن يثور سؤال مهم حول جواز صيام العشر من ذي الحجة قبل قضاء ما فاتهم من صيام رمضان، خاصة بالنسبة للنساء أو أي شخص لديه قضاء من رمضان.

فضل العشر من ذي الحجة

أيام العشر من ذي الحجة هي من أفضل الأيام عند الله، وقد ورد في فضلها أحاديث نبوية كثيرة. منها حديث ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر” قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: “ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء” (رواه البخاري).

حكم صيام العشر من ذي الحجة

يُستحب للمسلم صيام الأيام العشر الأولى من ذي الحجة، وأعظمها صيام يوم عرفة لغير الحاج، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم عن صيام يوم عرفة: “يكفّر السنة الماضية والباقية” (رواه مسلم). هذا يدل على الأجر العظيم الذي يمكن أن يناله المسلم من صيام هذه الأيام.

صيام النفل قبل القضاء

لكن يبقى السؤال: هل يجوز صيام النفل قبل قضاء الصيام الواجب من رمضان؟ لقد اختلف الفقهاء في هذه المسألة، ويمكن تلخيص الآراء كالتالي:

الرأي الأول: وجوب تقديم القضاء على النفل

يرى بعض الفقهاء أنه يجب على المسلم أن يُقدّم قضاء ما عليه من صيام رمضان قبل أن يصوم صيام التطوع (النفل)، بما في ذلك صيام العشر من ذي الحجة. واستدلوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: “من صام رمضان وأتبعه بست من شوال فكأنما صام الدهر” (رواه مسلم)، حيث قالوا أن المقصود هو إتمام رمضان أولاً ثم صيام النفل.

الرأي الثاني: جواز صيام النفل قبل القضاء مع الكراهة

يرى فريق آخر من الفقهاء أنه يجوز صيام النفل قبل قضاء رمضان، لكن مع الكراهة، وذلك لأن قضاء الواجب أولى. هؤلاء العلماء استدلوا بحديث عائشة رضي الله عنها: “كان يكون عليّ الصيام من رمضان فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان” (رواه البخاري ومسلم)، حيث فهموا من الحديث أنه يجوز تأخير القضاء طالما أن الوقت متسع.

الرأي الثالث: جواز صيام النفل قبل القضاء بلا كراهة

هناك فريق ثالث يرى أنه لا مانع من صيام النفل قبل القضاء دون كراهة، خاصة إذا كانت النية هي اغتنام فضل صيام أيام معينة كالعشر من ذي الحجة أو الست من شوال. واعتبروا أن النصوص الشرعية تفتح المجال للمرونة في ترتيب القضاء والنفل، طالما أن القضاء يتم قبل دخول رمضان التالي.

رأي الفقهاء المعاصرين

العديد من الفقهاء المعاصرين يميلون إلى التيسير على المسلمين في هذا الشأن. ويرون أن الأفضلية تظل لقضاء الصيام أولاً، لكن إذا كان المسلم يرغب في صيام العشر من ذي الحجة أو أي صيام تطوع آخر فلا حرج في ذلك، وخاصة إذا كان التأخير لعذر معتبر كصعوبة الصيام المتواصل بسبب الصحة أو غيرها.

الخلاصة

بناءً على ما تقدم، يمكن القول أن هناك سعة في الأمر، وأنه يجوز للمسلم صيام العشر من ذي الحجة حتى لو كان عليه قضاء من رمضان، مع التأكيد على أن القضاء أولى وأفضل إن أمكن ذلك. لكن إذا اختار المسلم أن يصوم النفل أولاً فلا حرج عليه، خصوصاً إذا كان يسعى لاغتنام فضل هذه الأيام المباركة. المهم هو أن يُكمل قضاء ما عليه قبل حلول رمضان القادم، حتى يخرج من دائرة الخلاف ويتحقق له الأجر والثواب.

هل يجوز اشتراك أكثر من سبعة في الأضحية.. الجواب من الأزهر الشريف