شاومينج تسريب امتحانات الصف الثالث الثانوي 2025.. لماذا نلوم الصفحة ولا نحاسب المنظومة؟

مرة أخرى… تتصدر عناوين الأخبار جملة مألوفة ومكررة: “القبض على صاحب صفحات شاومينج بيغشش ثانوية عامة”. وفي كل عام، لا يختلف السيناريو كثيرًا، وكأننا نعيش في حلقة مفرغة من الفشل، لا ندرك فيها أن علاج المرض لا يكون بكسر الترمومتر، بل بتشخيصه ومعالجة أسبابه.
“شاومينج”.. عرض لمرض أعمق!
صفحات التسريب والغش الإلكتروني ليست إلا عرضًا لمرض أعمق يعاني منه جهاز التعليم في مصر، فبدلًا من أن توجه الدولة كامل طاقتها نحو تطوير منظومة الامتحانات من الجذر، نراها تكتفي بإلقاء القبض على المراهقين القائمين على جروبات الغش، وكأنهم وحدهم المسؤولون عن الفضيحة السنوية!
هل يعقل أن يتم تسريب الامتحانات من داخل اللجان، أو حتى قبل بدايتها أحيانًا، ومع ذلك لا نرى حسابًا حقيقيًا للمسؤولين عن التأمين والتوزيع والطباعة؟ من أين خرج الامتحان؟ ومن سربه؟ ومن سمح بذلك؟ أسئلة لا نجد لها إجابة.
سماعات الغش.. التكنولوجيا تنتصر على الرقابة
لم يعد الغش مجرد ورقة صغيرة مخبأة في كُمّ الطالب، بل أصبح الآن يعتمد على أجهزة متطورة وسماعات خفية لا تلتقطها أعين المراقبين ولا كاميرات اللجان! السماعات اللاسلكية يتم تثبيتها داخل الأذن، وبتقنيات متقدمة يصعب حتى كشفها بأجهزة المسح التقليدية.
وما يزيد الأمر خطورة، أن هذه الأجهزة تباع علنًا في الأسواق وعلى الإنترنت، وسط صمت مريب من الجهات الرقابية. فهل المشكلة في الطالب؟ أم في من سمح بتداول أدوات الجريمة بحرية؟
️ وزارة التعليم.. ردود باهتة وحلول مؤقتة
وزارة التربية والتعليم تصر كل عام على إصدار نفس التصريحات: “امتحانات مؤمّنة تمامًا”، “منظومة جديدة للقضاء على الغش”، “خط ساخن للتبليغ عن المخالفات”… ومع ذلك، تتكرر نفس التسريبات بنفس التوقيت وبنفس الوسائل.
أين الخطط الاستباقية؟ أين الدور الحقيقي للتطوير؟ بل أين العقاب الصارم لمن يثبت تورطه من داخل الوزارة أو اللجان؟ فهل سنظل نكتفي بمطاردة “شاومينج” على الفيسبوك، بينما نغض الطرف عن “شاومينج الحقيقي” في المطبعة أو اللجنة أو مركز التوزيع؟
دعونا نكون صرحاء…
الغش ظاهرة اجتماعية نابعة من نظام تعليمي عقيم قائم على الحفظ والتلقين، وتقييم الطالب بورقة واحدة تقرر مصيره. فإذا لم نراجع منظومتنا التعليمية، ونعتمد على آليات تقييم حديثة، ونمنح المعلم والمراقب هيبةً حقيقيةً، ونستخدم التكنولوجيا بشكل عادل وشفاف، فإننا سنظل ننتظر منشور شاومينج القادم، كما ينتظر الطالب ورقة الأسئلة.
️ رسالة إلى المسؤولين:
نحن لا نبرّئ من يغش أو يروج للغش، لكننا نستنكر أن يُحمَّل طفل في عمر 17 عامًا وزر منظومة بأكملها! الغش جريمة، نعم، لكن الجريمة الأكبر أن نبني مستقبل أولادنا على الخوف والخداع والهروب، لا على القيم والعلم والمسؤولية.
آن الأوان أن نحاسب منظومة التعليم، لا فقط صفحات الفيسبوك!
تعليقات