بورصة الدواجن اليوم أسعار الفراخ البيضاء.. بشرى سارة للمستهلكين: “الفراخ البيضاء” تتراجع 25%! هل عادت الدواجن المصرية لعصر الوفرة والاستقرار؟

بعد شهور من التقلبات الحادة التي أرهقت جيوب المستهلكين وأصابت المربين بالإحباط، تشرق شمس الأمل من جديد في سوق الدواجن المصرية. فخلال الأيام الأخيرة، شهدت أسعار الفراخ البيضاء تراجعًا “ملحوظًا” تجاوز 25%، في تحول يعد بمثابة طوق نجاة للمواطن، وبشرى لعودة الاستقرار لمنظومة الإنتاج. فما هي الأسباب الحقيقية وراء هذا الهبوط المفاجئ؟ وهل نحن على أعتاب فترة طويلة من وفرة المعروض واستقرار الأسعار؟ وماذا يعني ذلك للمربين وصغار المنتجين بعد معاناتهم الطويلة؟
في هذا التقرير الشامل، سنغوص في أعماق سوق الدواجن المصرية، ونستعرض أحدث الأرقام لأسعار الفراخ البيضاء والساسو والكتاكيت. سنكشف لكم كيف ساهمت تدخلات الدولة في الإفراجات الجمركية عن الأعلاف في تخفيف العبء على المربين، وكيف يؤثر التوازن بين العرض والطلب على الأسعار. بالإضافة إلى ذلك، سنتناول التحديات التي لا يزال يواجهها صغار المنتجين، ونلقي الضوء على رؤية شعبة الدواجن لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتعزيز الأمن الغذائي في مصر. استعدوا لمعرفة كل ما يدور في كواليس سوق الدواجن، وتوقعات الخبراء لمستقبل “اللحوم البيضاء” على موائد المصريين!
الدواجن البيضاء: هبوط تاريخي 25% وارتياح في الأسواق
تعد أسعار الدواجن، خاصة الفراخ البيضاء، من أهم المؤشرات التي يتابعها المستهلك المصري، نظرًا لمكانتها كأحد مصادر البروتين الأساسية على المائدة. وقد شهدت السوق المحلية، خلال الأيام الأخيرة، تراجعًا “ملحوظًا” في الأسعار، ليبلغ هذا الانخفاض نسبة 25% مقارنة بمستوياتها في بداية العام الحالي. هذا التراجع ليس مجرد رقم، بل هو مؤشر على تحسن واضح في ديناميكية السوق، وتغيرات إيجابية في عوامل العرض والطلب.
الأرقام تتحدث: أسعار اليوم السبت 7 يونيو 2025
سامح السيد، رئيس شعبة الدواجن بالغرفة التجارية بالجيزة، كشف عن الأرقام التي تعكس هذا التراجع، مشيرًا إلى أن السوق يشهد حاليًا “حالة من الاستقرار النسبي” بعد فترة من التقلبات العنيفة:
- سعر كيلو الدواجن البيضاء (تسليم المزرعة): بلغ اليوم 75 جنيهًا.
- مقارنة: هذا السعر يمثل تراجعًا بأكثر من 25% عن مستوياته التي تجاوزت 100 جنيه للكيلو خلال شهري مارس وأبريل الماضيين، وهو ما يعكس تحسنًا كبيرًا.
- سعر كيلو الدواجن الساسو (تسليم المزرعة): انخفض إلى 95 جنيهًا.
- مقارنة: كانت أسعار الساسو قد اقتربت في وقت سابق من 125 جنيهًا للكيلو، مما يؤكد أن التراجع شمل أنواع الدواجن المختلفة.
هذا الهبوط في الأسعار يبعث على الارتياح لدى المستهلكين، ويقلل من الأعباء المعيشية، خاصة وأن الدواجن تمثل بديلًا اقتصاديًا للحوم الحمراء.
عوامل سحرية وراء الانخفاض: أعلاف مستقرة وطلب متوازن
لم يأتِ هذا التراجع في أسعار الدواجن من فراغ، بل هو نتاج تضافر عدة عوامل إيجابية، أشار إليها رئيس شعبة الدواجن:
تحسن منظومة الإنتاج وإفراجات الأعلاف:
- العامل الأبرز والأكثر تأثيرًا هو “تدخل الدولة لتسهيل الإفراجات الجمركية عن مكونات الأعلاف”. لطالما كانت أزمة الأعلاف (الذرة والصويا) هي المحرك الرئيسي لارتفاع أسعار الدواجن خلال الفترات الماضية، بسبب تكدسها في الموانئ وارتفاع سعر الدولار.
- قرار الإفراجات السريعة، الذي تم بجهود البنك المركزي ووزارة الزراعة، ساهم بشكل مباشر في “تخفيف العبء على المربين وخفض التكلفة النهائية للمنتج”، حيث تشكل الأعلاف ما بين 70 إلى 80% من إجمالي تكلفة إنتاج الدواجن.
- استقرار أسعار الأعلاف عالميًا ومحليًا منذ مارس الماضي، بعد حل أزمة الاستيراد، أدى إلى انخفاض “الهالك” في المزارع وتحسين دورات الإنتاج.
توازن العرض والطلب:
- شهدت الأسواق المصرية “حالة من التوازن بين العرض والطلب”، خصوصًا مع “انقضاء شهر رمضان” الذي يشهد عادة ذروة في استهلاك الدواجن واللحوم بشكل عام.
- تقلص الطلب بعد رمضان، ومع دخول فصل الصيف الذي يقل فيه الإقبال على استهلاك اللحوم البيضاء مقارنة بمواسم الشتاء، يدفع الأسعار نحو الاستقرار أو التراجع.
انخفاض أسعار الكتاكيت:
- تراجع أسعار الكتاكيت يمثل “مؤشرًا مهمًا على انخفاض تكلفة الدورة الإنتاجية المقبلة”. فقد بلغ سعر الكتكوت الأبيض 22 جنيهًا، بينما سجل الكتكوت الساسو 12 جنيهًا.
- هذا الانخفاض يبشر باستمرار تراجع مستويات الأسعار خلال الشهور القادمة، خاصة إذا ما استمرت مدخلات الإنتاج في التراجع، مما يحقق استقرارًا أكبر في السوق.
هذه العوامل مجتمعة رسمت مشهدًا إيجابيًا لسوق الدواجن، ونقلته من حالة الاضطراب إلى الاستقرار النسبي.
تحديات صغار المربين: الحاجة للدعم المستمر
على الرغم من التراجعات الإيجابية في الأسعار، إلا أن سامح السيد، رئيس شعبة الدواجن، شدد على نقطة بالغة الأهمية: “تراجع الأسعار لا يعني بالضرورة تحقيق أرباح للمربين، خاصة صغار المنتجين”. فالمربين الصغار لا يزالون “يعانون من آثار ارتفاع التكاليف خلال الفترات الماضية” التي تكبدوا فيها خسائر كبيرة.
لضمان استدامة استقرار السوق ومنع تكرار مشهد “الخروج الجماعي من السوق” في حال ارتفاع التكاليف مجددًا، أكد السيد على ضرورة:
- دعم صغار المربين: وهم يمثلون الشريحة الأكبر في قطاع الدواجن.
- توفير مستلزمات الإنتاج بأسعار عادلة: لضمان استمرارية عملهم وتقليل المخاطر عليهم.
- توسيع مظلة التمويل الميسر لقطاع الثروة الداجنة: لمساعدتهم على تحمل تكاليف الإنتاج وتجاوز الصعوبات المالية.
هذا الدعم الحكومي والقطاعي ضروري للحفاظ على قاعدة إنتاج قوية ومتنوعة، تضمن مرونة السوق وقدرته على الاستجابة للطلب.
الطريق نحو الاكتفاء الذاتي: رؤية شعبة الدواجن
يمتلك القطاع الداجني المصري إمكانيات هائلة لتحقيق الاكتفاء الذاتي. وقد أكد رئيس شعبة الدواجن أن “السوق المصرية قادرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي من الدواجن إذا تم الحفاظ على استقرار عناصر الإنتاج”.
- القدرة الإنتاجية: مصر تنتج يوميًا ما بين 3.5 إلى 4 ملايين دجاجة، وهي كمية “توفر احتياجات السوق المحلي بشكل شبه كامل، مع وجود فائض نسبي في بعض الفترات”. هذه القدرة الإنتاجية الكبيرة تعني أن السوق قادر على تلبية الطلب المحلي دون الاعتماد الكبير على الاستيراد، مما يعزز الأمن الغذائي للبلاد.
- الرقابة على الأسواق: شدد السيد على “أهمية تكثيف جهود الرقابة على الأسواق لمنع أي محاولات لرفع الأسعار دون مبرر”، خاصة في ظل وفرة المعروض وتراجع أسعار الأعلاف. هذه الرقابة تضمن وصول المنتج بسعر عادل إلى المستهلك وتحمي السوق من الممارسات الاحتكارية.
توقعات المستقبل: هل تستمر رحلة الهبوط والاستقرار؟
وفقًا لتوقعات شعبة الدواجن وبيانات السوق، من المتوقع أن “تواصل أسعار الدواجن مسارها الهابط بشكل تدريجي”، ما لم تحدث مستجدات على الساحة الاقتصادية تؤثر على مدخلات الإنتاج أو حركة الاستيراد. هذا يعني أن المستهلك يمكن أن يتوقع فترة من الأسعار المستقرة أو المتراجعة نسبيًا في المدى القريب.
جهود الدولة لدعم القطاع:
تُبذل جهود حثيثة لتوسيع الطاقات الإنتاجية داخل المزارع المتكاملة، وتشجيع الاستثمار في سلاسل التبريد والنقل والتوزيع. هذه الجهود تهدف إلى:
- زيادة الإنتاجية: لضمان تلبية الطلب المتزايد في المستقبل.
- تحسين كفاءة التوزيع: لتقليل الفاقد وضمان وصول الدواجن إلى المستهلكين في مختلف المناطق بأسعار عادلة.
هذه الاستراتيجية المتكاملة، التي تشمل دعم الإنتاج وتحسين التوزيع ومراقبة الأسواق، هي المفتاح لتحقيق استدامة الاستقرار في قطاع الدواجن المصري، وضمان حصول المواطنين على البروتين بأسعار معقولة.
الخلاصة: عودة الأمل لمائدة المصريين
إن تراجع أسعار الفراخ البيضاء بنسبة 25% يمثل خبرًا سارًا للمستهلك المصري، ويؤكد على نجاح الجهود المبذولة لاستعادة الاستقرار في قطاع الدواجن. فبعد فترة عصيبة، يبدو أن السوق يتجه نحو التوازن، مدعومًا بالإفراجات الجمركية للأعلاف، وتوازن العرض والطلب، وانخفاض أسعار الكتاكيت.
ومع ذلك، تظل هناك حاجة ملحة لدعم صغار المربين لضمان استمرارهم في الإنتاج، وتكثيف الرقابة على الأسواق لضمان عدم استغلال أي تذبذبات. الأيام القادمة ستحمل بالتأكيد المزيد من المؤشرات، لكن الصورة الحالية تعطي بصيص أمل بعودة “اللحوم البيضاء” لتكون خيارًا اقتصاديًا ومتاحًا على كل مائدة مصرية.
تعليقات